. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وُرُودَ الْأَمْرِ، فَإِنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي الْمَأْمُورَاتِ كَانَتْ لَا فِي الْوَقْتِ الْفَوْرِيِّ، بِخِلَافِ الْأَوْقَاتِ الْمُعَيَّنَةِ لِلْعِبَادَاتِ، فَإِنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي أَوْقَاتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَظْهَرُ، فَإِزَالَةُ الْمُنْكَرِ، وَإِنْقَاذُ الْغَرِيقِ وَنَحْوِهِ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ لِمَصْلَحَةٍ فِي الْإِزَالَةِ وَالْإِنْقَاذِ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ، وَأَمَّا تَعْيِينُ وَقْتِ الزَّوَالِ لِلظُّهْرِ، وَسَائِرُ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ لَهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْأَوْقَاتِ، فَهُوَ لِمَصْلَحَةٍ فِي الْوَقْتِ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهَا.
وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَخْرُجُ صُورَةُ الزَّكَاةِ وَالصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ إِذَا فُعِلَا بَعْدَ تَأْخِيرِهِمَا عَنْ وَقْتِ وُجُوبِهِمَا عَنْ كَوْنِهِمَا قَضَاءً بِمُقْتَضَى هَذَا الْحَدِّ، لِأَنَّهُمَا فَوْرِيَّتَانِ مَصْلَحَتُهُمَا فِي فِعْلِهِمَا لَا فِي وَقْتِهِمَا، وَيَطَّرِدُ هَذَا فِي الْحَجِّ حَيْثُ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ، إِذِ الْمَصْلَحَةُ فِي فِعْلِهِ لَا فِي وَقْتِهِ، مِنْ حَيْثُ هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ، لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ عِبَادَةً أَوْ حَجًّا. فَإِذَنْ لَهُ جِهَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: جِهَةُ كَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ عَلَى الْفَوْرِ، فَمَصْلَحَتُهُ فِيهِ.
وَالثَّانِيَةُ: كَوْنُهُ عِبَادَةً، فَالْمَصْلَحَةُ فِيهِ وَفِي وَقْتِهِ الْخَاصِّ، وَهِيَ أَشْهُرُ الْحَجِّ، وَهَذَا الْمَكَانُ يَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا.
فَائِدَةٌ: الْعِبَادَاتُ قَدْ تُوصَفُ بِالْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ، كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَقَدْ لَا تُوصَفُ بِهِمَا، كَالنَّوَافِلِ، لِعَدَمِ تَقْدِيرِ وَقْتِهَا. وَقَدْ تُوصَفُ بِالْأَدَاءِ وَحْدَهُ، كَالْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ.
وَعَدَمُ الْقَضَاءِ فِيهِمَا لِلتَّوْقِيفِ أَوِ الْإِجْمَاعِ، لَا لِامْتِنَاعِهِ عَقْلًا وَلَا شَرْعًا.