الْمُبَاحُ: مَا اقْتَضَى خِطَابُ الشَّرْعِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ، مِنْ غَيْرِ مَدْحٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، وَلَا ذَمٍّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: «الْمُبَاحُ» إِلَى آخِرِهِ، اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى أَقْسَامِ اقْتِضَاءِ الْخِطَابِ فِعْلًا أَوْ كَفًّا، وَهِيَ الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ وَالْمَحْظُورُ وَالْمَكْرُوهُ، أَخَذَ يُبَيِّنُ قِسْمَ تَخْيِيرِ الْخِطَابِ وَهُوَ الْمُبَاحُ.
وَهِيَ فِي اللُّغَةِ مُشْتَقٌّ مِنَ الْإِبَاحَةِ، وَهِيَ الْإِظْهَارُ، يُقَالُ: بَاحَ بِسِرِّهِ، إِذَا: أَظْهَرَهُ، وَقِيلَ: مِنْ بَاحَةِ الدَّارِ وَهِيَ سَاحَتُهَا، وَفِيهِ مَعْنَى السِّعَةِ وَانْتِفَاءِ الْعَائِقِ، لِأَنَّ السَّاحَةَ تَتَّسِعُ لِلتَّصَرُّفِ فِيهَا بِالسَّعْيِ وَالْحَرَكَةِ بِحَسْبِهَا، وَالْعَائِقُ مِنْ ذَلِكَ مُنْتَفٍ فِيهَا.
أَمَّا فِي الشَّرْعِ فَهُوَ: «مَا اقْتَضَى خِطَابُ الشَّرْعِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ مِنْ غَيْرِ مَدْحٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَلَا ذَمٍّ» أَيْ: مِنْ غَيْرِ مَدْحٍ يَتَرَتَّبُ عَلَى فِعْلِهِ وَلَا ذَمٍّ عَلَى تَرْكِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَقَالَ الْآمِدِيُّ: هُوَ مَا دَلَّ الدَّلِيلُ السَّمْعِيُّ عَلَى خِطَابِ الشَّارِعِ بِالتَّخْيِيرِ فِيهِ «مِنْ غَيْرٍ بَدَلٍ» .
قُلْتُ: احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ «مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ» مِنَ الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ وَالْمُخَيَّرِ وَفَرْضِ الْكِفَايَةِ فَإِنَّ التَّخْيِيرَ لَاحِقٌ لَهَا، لَكِنْ بِشَرْطِ الْإِتْيَانِ بِالْبَدَلِ كَمَا سَبَقَ.