. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مَشْرُوعٍ وَوَصْفٍ مَمْنُوعٍ، وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ مَا قَالَ فِي بَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ، دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا تَوَجَّهَ إِلَى الذَّاتِ الْمُتَّصِفَةِ لَا إِلَى صِفَةِ الذَّاتِ، وَقَدْ نَبَّهْتُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى أَنَّ تَلْخِيصَ مَأْخَذِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النَّهْيَ فِيهَا عَنِ الْمَوْصُوفِ أَوْ عَنِ الصِّفَةِ.
تَنْبِيهَانِ: اعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا الْأَصْلِ أَدْخَلُ فِي التَّدْقِيقِ وَأَشْبَهُ بِالتَّحْقِيقِ، ثُمَّ لَمَّا تَقَرَّرَ هَذَا الْخِلَافُ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ، خَرَجَ عَنْ قَاعِدَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ بَعْضُ الصُّوَرِ، فَاحْتَاجَ ذَلِكَ إِلَى جَوَابٍ.
أَمَّا مَنْ قَالَ: يَرْجِعُ النَّهْيُ إِلَى الْمَوْصُوفِ لَا إِلَى الصِّفَةِ، فَوَرَدَ عَلَيْهِ نَحْوُ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ، فَإِنَّهُ يُنْفِذُهُ وَيُوقِعُهُ، مَعَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ يَقْتَضِي تَعَلُّقَهُ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي عَدَمَ وُقُوعِهِ لِكَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ.
وَجَوَابُهُ: أَنَّ الدَّلِيلَ لَمَّا قَامَ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ، صَرَفْنَا النَّهْيَ عَنْهُ إِلَى مَا يَلْزَمُ مِنْهُ مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ، جَمْعًا بَيْنَ دَلِيلِ النُّفُوذِ وَاحْتِيَاجِ النَّهْيِ إِلَى مُتَعَلِّقٍ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: يَرْجِعُ النَّهْيُ إِلَى وَصْفِ الْفِعْلِ، فَوَرَدَ عَلَيْهِ مِثْلُ صَلَاةِ الْمُحْدِثِ وَالْحَائِضِ، فَإِنَّ دَلِيلَهُ يَقْتَضِي صِحَّتَهَا، مِنْ حَيْثُ إِنَّ الصَّلَاةَ لِذَاتِهَا مَطْلُوبَةٌ، وَإِنَّمَا الْمَمْنُوعُ إِيقَاعُهَا حَالَ الْحَدَثِ وَالْحَيْضِ.
فَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الدَّلِيلَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ، فَانْتَفَتْ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا بِالْحَدَثِ وَالْحَيْضِ، بِخِلَافِ طَوَافِ الْمُحْدِثِ، إِذْ لَمْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ لِلطَّوَافِ.