. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
رَجَّحَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقِيَاسَ، وَأَحْمَدُ فِي آخَرِينَ الْخَبَرَ.
وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ: أَنَّ الظَّنَّ الْحَاصِلَ مِنَ الْقِيَاسِ هَهُنَا أَغْلَبُ، أَوِ الْحَاصِلَ مِنَ الْخَبَرِ؟ وَهُوَ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ وَنَظَرٍ، وَقَدْ سَبَقَ.
وَمِنْهَا: إِذَا تَعَارَضَ الْقِيَاسُ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ.
مِثَالُهُ: أَنَّ الْخَمْرَ إِذَا خُلِّلَتِ اقْتَضَى الْقِيَاسُ حَلَّهَا كَمَا لَوْ تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا. وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: كُلُوا مَا فَسَدَ مِنَ الْخَمْرِ وَلَا تَأْكُلُوا مَا فَسَدْتُمُوهُ يَقْتَضِي حُرْمَتَهَا.
قُلْتُ: وَجْهُ الْخِلَافِ سَبَقَ فِي الْأَخْبَارِ، وَهُوَ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ، أَمَّا هَذَا الْخَبَرُ، فَلَا يَثْبُتُ، وَمَا يُرْوَى عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي عَكْسِهِ: خَيْرُ خَلِّكُمْ خَلُّ خَمْرِكُمْ وَلَوْ صَحَّ الْخَبَرَانِ، لَكَانَ الْأَوَّلُ مُقَدَّمًا عَلَى الثَّانِي، لِأَنَّهُ أَخَصُّ مِنْهُ وَعَلَى الْقِيَاسِ عِنْدَنَا لِمَا سَبَقَ.
وَقَدِ انْتَهَى مَا تَهَيَّأَ إِلْحَاقُهُ بِالْمُخْتَصَرِ مِنَ التَّرَاجِيحِ، وَقَدْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ فَوَائِدَ كَثِيرَةً جَمَّةً يَلِيقُ بِالْفَاضِلِ أَنْ لَا يُهْمِلَهَا، وَكَذَلِكَ الشَّرْحُ جَمِيعُهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ يَتَضَمَّنُ فَوَائِدَ وَمَبَاحِثَ لَا تُوجَدُ إِلَّا فِيهِ، تَنَبَّهْتُ عَلَيْهَا بِالْفِكْرَةِ وَالنَّظَرِ فِي كَلَامِ الْفُضَلَاءِ، وَأَنَا ذَاكِرٌ لَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مَادَّةَ هَذَا الشَّرْحِ، لِتَكُونَ