لَنَا: الْمُكَلَّفُ بِهِ مَقْدُورٌ، وَالْعَدَمُ غَيْرُ مَقْدُورٍ فَلَا يَكُونُ مُكَلَّفًا، فَهُوَ إِمَّا كَفُّ النَّفْسِ، أَوْ ضِدُّ الْمَنْهِيِّ، وَكِلَاهُمَا فِعْلٌ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

«لَنَا» أَيْ: عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ أَنَّ: «الْمُكَلَّفُ بِهِ مَقْدُورٌ، وَالْعَدَمُ غَيْرُ مَقْدُورٍ، فَلَا يَكُونُ مُكَلَّفًا» بِهِ.

أَمَّا أَنَّ الْمُكَلَّفَ بِهِ مَقْدُورٌ لِلْمُكَلَّفِ، فَلِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَكُلُّ مَا كَانَ سَبَبَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، فَهُوَ مَقْدُورٌ لِلْمُكَلَّفِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النَّحْلِ: 32] ، {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} [فُصِّلَتْ: 28] ، {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النَّجْمِ: 39] ، وَنَحْوُهُ كَثِيرٌ.

وَأَمَّا أَنَّ الْعَدَمَ غَيْرُ مَقْدُورٍ لِلْمُكَلَّفِ، فَلِأَنَّهُ نَفْيٌ مَحْضٌ، لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَثَرًا لِلْقُدْرَةِ، وَلَا قَابِلًا لِأَثَرِهَا، وَكُلُّ مَقْدُورٍ، فَهُوَ قَابِلٌ لِتَأْثِيرِ الْقُدْرَةِ، فَالْعَدَمُ غَيْرُ مَقْدُورٍ، فَلَا يَكُونُ مُكَلَّفًا بِهِ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ «فَهُوَ» - يَعْنِي مُتَعَلِّقَ التَّكْلِيفِ فِي النَّهْيِ - «إِمَّا كَفُّ النَّفْسِ» عَنِ الْمَنْهِيِّ، أَيْ: حَبْسُهَا عَنْهُ بِعِنَانِ التَّقْوَى «أَوْ ضِدُّ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ» ، وَهُوَ مَا لَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُ مَعَهُ، وَلَوْ تَرَكَهُ، «وَكِلَاهُمَا» يَعْنِي كَفَّ النَّفْسِ وَضِدَّ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ «فِعْلٌ» .

أَمَّا كَوْنُ الْكَفِّ فِعْلًا، فَظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ صَرْفُ النَّفْسِ عَمَّا تَوَجَّهَتْ إِلَيْهِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، وَقَهْرُهَا عَلَى ذَلِكَ، وَزَجْرُهَا عَمَّا هَمَّتْ بِهِ، وَهَذِهِ أَفْعَالٌ حَقِيقِيَّةٌ. غَيْرَ أَنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015