. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وَالثَّانِي: لَا يُكَلَّفُ بِطَلَبِهِ لِخَفَائِهِ، وَهُوَ قَوْلُ كَافَّةِ الْفُقَهَاءِ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا حُكْمَ فِي الْوَقَائِعِ مُعَيَّنٌ، فَهُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْمُتَكَلِّمِينَ، مِنْهُمُ الْأَشْعَرِيُّ، وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَالْجُبَائِيُّ وَابْنُهُ.

ثُمَّ عَلَى هَذَا هَلْ يُقَالُ: إِنَّ فِي الْوَاقِعَةِ لَوْ كَانَ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِيهَا حُكْمٌ مُعَيَّنٌ لَكَانَ هُوَ، وَهُوَ الْقَوْلُ بِالْأَشْبَهِ، أَمْ لَا؟ ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ. هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ نَوْعُ تَكْرَارٍ وَتَدَاخُلٍ لَا يَضُرُّ، لِأَنَّ غَرَضِي الْبَيَانُ فِي الْمَسْأَلَةِ بِتَغَايُرِ الْعِبَارَاتِ.

إِذَا ثَبَتَ هَذَا؛ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ حُكْمًا مُعَيَّنًا قَالَ: لَيْسَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبًا، لِأَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ إِنْ كَانَ نَفْيًا، فَقَدْ أَخْطَأَهُ الْمُثْبِتُ، وَإِنْ كَانَ إِثْبَاتًا، فَقَدْ أَخْطَأَهُ النَّافِي.

وَمِمَّا قَرَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ؛ أَنْ قَالَ: الْقَائِلُ: لَيْسَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبًا، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُخْطِئًا، أَوْ مُصِيبًا، فَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا، فَهُوَ مُجْتَهِدٌ قَدْ أَخْطَأَ فِي هَذَا الْقَوْلِ، فَلَيْسَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبًا، وَإِنْ كَانَ مُصِيبًا، فَقَدْ ثَبَتَ أَنْ لَيْسَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبًا، فَهُوَ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَازِمٌ.

وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ حُكْمٌ مُعَيَّنٌ قَالَ: الْحُكْمُ مَا أَدَّى إِلَيْهِ ظَنُّ الْمُجْتَهِدِ. وَحِينَئِذٍ كَلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، لِمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ، وَمُصِيبٌ لِلْخُرُوجِ عَنِ الْعُهْدَةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ النِّزَاعَ بَيْنَهُمْ يُسَبِّبُهُ أَنْ يَكُونَ لَفْظِيًّا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهُ، وَذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015