. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الْفَرْعِ الَّذِي هُوَ تَفَارِيعُ الْفِقْهِ، وَكَذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ دَقَائِقِ الْعَرَبِيَّةِ وَالتَّصْرِيفِ حَتَّى يَكُونَ كَسِيبَوَيْهِ، وَالْأَخْفَشِ، وَالْمَازِنِيِّ، وَالْمُبَرِّدِ، وَالْفَارِسِيِّ، وَابْنِ جِنِّيٍّ وَنَحْوِهِمْ، لِأَنَّ الْمُحْتَاجَ إِلَيْهِ مِنْهَا فِي الْفِقْهِ دُونَ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: «وَتَقْرِيرَ الْأَدِلَّةِ وَمُقَوِّمَاتِهَا» . أَيْ: وَيُشْتَرَطُ لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يَعْرِفَ «تَقْرِيرَ الْأَدِلَّةِ» وَمَا يَتَقَوَّمُ وَيَتَحَقَّقُ بِهِ كَيْفِيَّةُ نَصْبِ الدَّلِيلِ وَوَجْهَ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَرُبَّمَا اشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ مَعْرِفَةَ الْمَنْطِقِ، إِذْ بِهِ تَتَحَقَّقُ مَعْرِفَةُ نَصْبِ الْأَدِلَّةِ، وَتَقْرِيرُ مُقَدَّمَاتِهَا وَوَجْهُ إِنْتَاجِهَا الْمَطَالِبِ، لِكَوْنِهِ ضَابِطًا لِلْأَشْكَالِ الْمُنْتِجَةِ مِنْ غَيْرِهَا، وَالْحَقُّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ، لَكِنَّهُ أَوْلَى وَأَجْدَرُ بِالْمُجْتَهِدِ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا هَذَا الَّذِي قَدِ اشْتُهِرَ فِيهِ عِلْمُ الْمَنْطِقِ، حَتَّى إِنَّ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ رُبَّمَا عُدَّ نَاقِصَ الْأَدَوَاتِ عِنْدَ أَهْلِهِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: لَا يُشْتَرَطُ، لِأَنَّ السَّلَفَ كَانُوا مُجْتَهِدِينَ، وَلَمْ يَعْرِفُوا الْمَنْطِقَ الِاصْطِلَاحِيَّ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ كَيْفِيَّةَ نَصْبِ الْأَدِلَّةِ وَدَلَالَاتِهَا عَلَى الْمَطَالِبِ بِالدُّرْبَةِ وَالْقُوَّةِ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ إِذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ مِثْلَهُمْ فِيهِ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِيمَنْ سَاعَدَهُ طَبْعُهُ عَلَى صَوَابِ الْكَلَامِ وَاجْتِنَابِ اللَّحْنِ فِيهِ لَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ عِلْمُ الْعَرَبِيَّةِ.

قَالَ الْآمِدِيُّ: وَيُشْتَرَطُ لِلْمُجْتَهِدِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِوُجُودِ الرَّبِّ تَعَالَى، وَبِمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ، وَمَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ مِنَ الصِّفَاتِ النَّفْسِيَّةِ وَغَيْرِهَا، مُصَدِّقًا بِالرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الشَّرْعِ الْمَنْقُولِ، كُلٌّ بِدَلِيلِهِ مِنْ جِهَةِ الْجُمْلَةِ، لَا مِنْ جِهَةِ التَّفْصِيلِ.

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: لَيْسَ مَعْرِفَةَ الْكَلَامِ بِالْأَدِلَّةِ الْمُجَرَّدَةِ فِيهِ عَلَى عَادَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015