الِاجْتِهَادُ لُغَةً: بَذْلُ الْجُهْدِ فِي فِعْلٍ شَاقٍّ، فَيُقَالُ: اجْتَهَدَ فِي حَمْلِ الرَّحَى لَا فِي حَمْلِ خَرْدَلَةٍ.
وَاصْطِلَاحًا: بَذْلُ الْجُهْدِ فِي تَعَرُّفِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، وَالتَّامُّ مِنْهُ: مَا انْتَهَى إِلَى حَالِ الْعَجْزِ عَنْ مَزِيدِ طَلَبٍ.
وَشَرْطُ الْمُجْتَهِدِ إِحَاطَتُهُ بِمَدَارِكِ الْأَحْكَامِ، وَهِيَ الْأُصُولُ الْمُتَقَدِّمَةُ، وَمَا يُعْتَبَرُ لِلْحُكْمِ فِي الْجُمْلَةِ كَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً، فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ مَعْرِفَةُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ مِنْهُ، وَهُوَ قَدْرُ خَمْسِمِائَةِ آيَةٍ، بِحَيْثُ يُمْكِنُ اسْتِحْضَارُهَا لِلِاحْتِجَاجِ بِهَا لَا حِفْظُهَا، وَكَذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ، وَمَعْرِفَةُ صِحَّةِ الْحَدِيثِ اجْتِهَادًا كَعِلْمِهِ بِصِحَّةِ مَخْرَجِهِ وَعَدَالَةِ رُوَاتِهِ، أَوْ تَقْلِيدًا كَنَقْلِهِ مِنْ كِتَابٍ صَحِيحٍ ارْتَضَى الْأَئِمَّةُ رُوَاتَهُ، وَالنَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ مِنْهُمَا، وَيَكْفِيهِ مَعْرِفَةُ أَنَّ دَلِيلَ هَذَا الْحُكْمِ غَيْرُ مَنْسُوخٍ، وَمِنَ الْإِجْمَاعِ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ؛ وَيَكْفِيهِ مَعْرِفَةُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا أَمْ لَا، وَمِنَ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ مَا يَكْفِيهِ فِي مَعْرِفَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ نَصٍّ وَظَاهِرٍ وَمُجْمَلٍ وَحَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ وَعَامٍّ وَخَاصٍّ وَمُطْلَقٍ وَمُقَيَّدٍ وَدَلِيلِ خِطَابٍ، وَنَحْوِهِ، لَا تَفَارِيعِ الْفِقْهِ، لِأَنَّهُ مِنْ فُرُوعِ الِاجْتِهَادِ، فَلَا تُشْتَرَطُ لَهُ، وَإِلَّا لَزِمَ الدَّوْرُ، وَتَقْرِيرُ الْأَدِلَّةِ وَمُقَوِّمَاتُهَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
" الِاجْتِهَادُ " افْتِعَالٌ مِنَ الْجُهْدِ، وَهُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا: الطَّاقَةُ، وَبِفَتْحِهَا فَقَطْ: الْمَشَقَّةُ.