. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لَيْسَتْ بِبَكْرٍ؟ فَهَذَا تَقْسِيمٌ مَرْدُودٌ، لِأَنَّ دَلِيلَ الْمُسْتَدِلِّ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلرَّقِيقِ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ، وَلَا لِلْبِكْرِ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي، وُجُودًا وَلَا عَدَمًا، فَذِكْرُ الْمُعْتَرِضِ لَهُ تَقْوِيلًا لِلْمُسْتَدِلِّ مَا لَمْ يَقُلْ، أَوْ إِعْرَاضًا عَنْ مُنَاظَرَتِهِ إِلَى مُنَاظَرَةِ الْمُعْتَرِضِ نَفْسَهُ كَمَا ذَكَرْنَا، أَوْ جَهْلًا مِنْهُ بِطَرِيقِ الْمُنَاظَرَةِ. وَأَيًّا مَا كَانَ يَبْطُلُ التَّقْسِيمُ.
وَإِذَا تَوَجَّهَ سُؤَالُ التَّقْسِيمِ، فَلِلْمُسْتَدِلِّ فِي دَفْعِهِ وُجُوهٌ:
أَحَدُهَا: أَنْ يُبَيِّنَ فَسَادَهُ، بِانْتِفَاءِ شُرُوطِهِ أَوْ بَعْضِهَا، فَيَقُولُ مَثَلًا: لَا أُسَلِّمُ أَنَّ لَفْظِي يَحْتَمِلُ مَا ذَكَرْتَ مِنَ التَّقْسِيمِ، أَوْ لَا أُسَلِّمُ أَنَّ تَقْسِيمَكَ حَاصِرٌ، بَلْ هُنَاكَ قِسْمٌ آخَرُ مُرَادِي، أَوْ أَنَّكَ زِدْتَ فِي تَقْسِيمِكَ عَلَى مَا ذَكَرْتُ، فَأَنْتَ تُنَاظِرُ نَفْسَكَ، وَلَا يَلْزَمُنِي جَوَابُكَ.
الثَّانِي: أَنْ يُبَيِّنَ ظُهُورَهُ فِي بَعْضِ الِاحْتِمَالَاتِ: التَّقْسِيمِ بِالْوَضْعِ، أَوْ عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ لُغَةً أَوْ عُرْفًا أَوْ شَرْعًا، أَوْ بِقَرِينَةٍ، وَإِذَا بَانَ ظُهُورُهُ فِي بَعْضِ الِاحْتِمَالَاتِ، وَجَبَ تَنْزِيلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ، وَسَقَطَ التَّقْسِيمُ.
مِثَالُ الظَّاهِرِ بِالْوَضْعِ: لَفْظُ الْمَعْصِيَةِ فِي مَسْأَلَةِ صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ، ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهِ مَعْصِيَةً لِعَيْنِهِ، وَكَوْنُهُ لِغَيْرِهِ خِلَافُ الظَّاهِرِ، فَلَا يَصِحُّ التَّقْسِيمُ إِلَيْهِ.
وَمِثَالُ الظَّاهِرِ بِالْعُرْفِ شَرْعًا: مَا يُذْكَرُ مِنَ الْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ، كَالْوُضُوءِ، وَالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ دُونَ اللُّغَوِيِّ، فَلَا يَصِحُّ التَّقْسِيمُ إِلَيْهِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي مَوْضِعِهِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ مَا قَسَّمَ الْمُعْتَرِضُ إِلَيْهِ اللَّفْظَ مُتَّحِدٌ، وَلَكِنَّهُ وَهِمَ فِي اعْتِقَادِ التَّعَدُّدِ، أَوْ أَنَّ الْأَقْسَامَ كُلَّهَا مُرَادَةٌ لَهُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَفْظَهُ دَلَّ عَلَيْهَا بِالتَّوَاطُؤِ.