. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ، لَا التَّخْفِيفَ عَنْهُ، وَفِي إِيجَابِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ تَغْلِيظٌ، وَفِي إِسْقَاطِهَا تَخْفِيفٌ.
وَمِنْ ذَلِكَ: قَوْلُ الشَّفْعَوِيِّ فِي تَكْرَارِ مَسْحِ الرَّأْسِ: مَسْحٌ، فَيُسَنُّ فِيهِ التَّكْرَارُ، كَالْمَسْحِ فِي الِاسْتِجْمَارِ، فَيُقَالُ: هَذَا فَاسِدُ الْوَضْعِ، لِأَنَّ كَوْنَهُ مَسْحًا مُشْعِرٌ بِالتَّخْفِيفِ، وَمُنَاسِبٌ لَهُ، وَالتَّكْرَارُ مُنَافٍ لَهُ.
وَمِثَالُ مَا عُلِّقَ فِيهِ عَلَى الْعِلَّةِ خِلَافُ مَا تَقْتَضِيهِ وَلَيْسَ بِضِدٍّ، قَوْلُنَا: فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنَ الْجِرَاحَاتِ جِنَايَةٌ عَلَى آدَمِيٍّ، فَيُضْرَبُ بَدَلَهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ كَالنَّفْسِ، فَيُقَالُ: هَذَا خِلَافُ مُقْتَضَى الْعِلَّةِ، إِذْ جِنَايَةُ الشَّخْصِ تَقْتَضِي اخْتِصَاصَ ضَمَانِهَا بِهِ دُونَ غَيْرِهِ، عَمَلًا بِمُوجَبِ النَّصِّ وَالْعُرْفِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْحَنَفِيِّ فِي أَنَّ الْعَبْدَ تَتَقَدَّرُ قِيمَتُهُ، لِأَنَّهُ آدَمِيٌّ، فَتَقَدَّرَتْ قِيمَتُهُ كَالْحُرِّ، فَيُقَالُ: هَذَا عَلَى خِلَافِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، لِأَنَّهَا لَا تُشِيرُ إِلَى تَقْدِيرٍ.
قُلْتُ: هَكَذَا ذَكَرَ النِّيلِيُّ فِي أَمْثِلَةِ اقْتِضَاءِ الْعِلَّةِ ضِدَّ حُكْمِهَا وَخِلَافِهِ، وَلَعَلَّ فِيهِ نَظَرًا، فَإِنَّ تَقْدِيرَ الْقِيمَةِ وَعَدَمَهُ، وَاخْتِصَاصَ الْجِنَايَةِ بِالْجَانِي وَعَدَمَهُ، نَحْوٌ مِنَ اقْتِضَاءِ الْكَبِيرَةِ الْكَفَّارَةَ وَعَدَمِهَا، وَانْعِقَادِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَعَدَمِهِ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، وَالْخِلَافَيْنِ، وَالْمِثْلَيْنِ، وَالنَّقِيضَيْنِ، وَبِعَرْضِ هَذَا عَلَى ذَلِكَ يَتَبَيَّنُ أَمْرُهُ.
قَوْلُهُ: «وَجَوَابُهُ بِمَنْعِ الِاقْتِضَاءِ الْمَذْكُورِ، أَوْ بِأَنَّ اقْتِضَاءَهَا لِمَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَدِلُّ