. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الِاعْتِبَارِ، لِمُخَالَفَةِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ رَخَّصَ فِي السَّلَمِ.
وَمِثَالُ مَا خَالَفَ الْإِجْمَاعَ أَنْ يَقُولَ الْحَنَفِيُّ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُغَسِّلَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ، لِأَنَّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهَا، فَحَرُمَ غَسْلُهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ، لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ السُّكُوتِيَّ، وَهُوَ أَنَّ عَلِيًّا غَسَّلَ فَاطِمَةَ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ، وَالْقَضِيَّةُ فِي مَظِنَّةِ الشُّهْرَةِ، فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا كَمَا سَبَقَ فِي بَابِهِ.
قَوْلُهُ: «كَحَدِيثِ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -» إِلَى آخِرِهِ. هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِقِيَاسٍ يُخَالِفُ النَّصَّ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ، وَهُوَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ مُعَاذًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي حَدِيثِهِ الْمَشْهُورِ الَّذِي سَبَقَ ذِكْرَهُ، أَخَّرَ الْقِيَاسَ عَنِ النَّصِّ، وَصَوَّبَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ رُتْبَةَ الْقِيَاسِ بَعْدَ النَّصِّ، فَتَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِفَسَادِ الِاعْتِبَارِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى كَثْرَةِ اجْتِهَادَاتِهِمْ وَفَتَاوِيهِمْ، لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ أَنَّهُ قَاسُوا، «إِلَّا مَعَ عَدَمِ النَّصِّ» وَكَانُوا يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النُّصُوصِ، فَإِذَا وَجَدُوهَا، لَمْ يَعْدِلُوا عَنْهَا، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.