. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَطُلُوعِ الْهِلَالِ؛ إِذْ لَا يُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ: وَجَبَتِ الصَّلَاةُ لِأَنَّ الشَّمْسَ زَالَتْ، وَالصَّوْمُ لِأَنَّ الْهِلَالَ ظَهَرَ، وَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فِي التَّخَاطُبِ الْعُرْفِيِّ، لَكِنَّهُ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِدْلَالِ، لَا مِنْ حَيْثُ التَّعْلِيلُ، أَيْ: زَوَالُ الشَّمْسِ وَطُلُوعُ الْهِلَالِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، لَا عِلَّةٌ لَهُمَا، وَكَذَلِكَ الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ لِلتَّعَبُّدَاتِ كَأَسْبَابِ الْحَدَثِ لِلْوُضُوءِ، هِيَ أَمَارَاتٌ، لَا بَوَاعِثُ لِعَدَمِ الْمُنَاسَبَةِ، وَرُبَّمَا جَاءَ فِي هَذَا كَلَامٌ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: «وَمِنْ شَرْطِهَا» ، أَيْ: وَمِنْ شَرْطِ الْعِلَّةِ «أَنْ تَكُونَ مُتَعَدِّيَةً» يَعْنِي لِمَحَلِّ النَّصِّ إِلَى غَيْرِهِ، كَالْإِسْكَارِ وَالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالطُّعْمِ، «فَلَا عِبْرَةَ بِالْقَاصِرَةِ، وَهِيَ مَا لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ النَّصِّ، كَالثَّمَنِيَّةِ فِي النَّقْدَيْنِ» ، أَيْ: كَوْنُهُمَا أَثْمَانَ الْأَشْيَاءِ فِي الْأَصْلِ، فَإِنَّ هَذَا مُخْتَصٌّ بِهِمَا، قَاصِرٌ عَلَيْهِمَا «وَهُوَ» أَيْ: عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ «قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَأَبِي الْخَطَّابِ، وَأَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ» .
قَالَ الْآمِدِيُّ: ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ، وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ إِلَى صِحَّةِ الْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ. وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالْكَرْخِيُّ، وَأَبُو عَبْدُ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ إِلَى إِبْطَالِهَا.
قُلْتُ: وَالْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْقَاصِرَةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ. أَمَّا المَنْصُوصَةُ أَوِ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا، فَاتَّفَقُوا عَلَى صِحَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا حُكْمُ الْمَعْصُومِ وَاجْتِهَادُهُ.