. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حَسَبِهِ فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ.
وَاعْلَمْ أَنْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الرُّكْنِ وَالشَّرْطِ يَتَوَقَّفُ وُجُودُ الْمَاهِيَّةِ عَلَيْهِ، لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الرُّكْنَ دَاخِلٌ فِي الْمَاهِيَّةِ كَالرُّكُوعِ لِلصَّلَاةِ وَسَائِرِ أَرْكَانِهَا، وَالشَّرْطُ خَارِجٌ عَنْهَا، كَالْوُضُوءِ لَهَا وَسَائِرِ شُرُوطِهَا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الرُّكْنَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوُجُودُ الذِّهْنِيُّ وَالْخَارِجِيُّ جَمِيعًا، وَالشَّرْطُ إِنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوُجُودُ الْخَارِجِيُّ فَقَطْ مَعَ تَحَقُّقِ الْوُجُودِ فِي الذِّهْنِ، فَيُمْكِنُنَا أَنْ نَتَصَوَّرَ صُورَةَ الصَّلَاةِ بِلَا وُضُوءٍ، وَلَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَتَصَوَّرَهَا فِي أَذْهَانِنَا بِلَا رُكُوعٍ. وَأَبْيَنُ مِنْ هَذَا أَنَّنَا نَتَصَوَّرُ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ بِدُونِ تَصَوُّرِ حَقِيقَةِ الْحَيَاةِ، لَكِنَّ قِيَامَ الْعِلْمِ بِمَحَلِّهِ فِي الْخَارِجِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّهَا شَرْطُهُ.
الْبَحْثُ الثَّانِي: فِي أَنَّهُ لِمَ كَانَتْ أَرْكَانُ الْقِيَاسِ أَرْبَعَةً؟ وَلَهُ تَوْجِيهَاتٌ إِقْنَاعِيَّةٌ وَحَقِيقِيَّةٌ.
مِنْهَا: أَنَّ الْقِيَاسَ مَعْنًى مَعْقُولٌ، وَالْمَعَانِي الْمَعْقُولَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْأَعْيَانِ الْمَحْسُوسَةِ. وَقَدْ تُقُرِّرَ أَنَّ أَرْكَانَ الْمَحْسُوسَاتِ هِيَ الْعَنَاصِرُ، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ، فَكَذَلِكَ الْمَعْقُولَاتُ تَقْتَضِي بِحُكْمِ هَذَا أَنْ تَكُونَ أَرْكَانُهَا أَرْبَعَةً، فَإِنْ زَادَ شَيْءٌ مِنْهَا أَوْ نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ، فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ مُقْتَضَى الْأَصْلِ لِمُقْتَضىً خَاصٍّ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ أَنَّ مَدَارَ الْمُحْدَثَاتِ عَلَى عِلَلِهَا الْأَرْبَعِ: الْمَادِّيَّةُ، وَالصُّورِيَّةُ، وَالْفَاعِلِيَّةُ، وَالْغَائِيَّةُ، وَهِيَ أَرْكَانٌ لَهَا، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي الْمَحْسُوسَاتِ وَالْمَعْقُولَاتِ مُلْحَقَةٌ بِهَا كَمَا سَبَقَ آنِفًا.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْقِيَاسَ الشَّرْعِيَّ رَاجِعٌ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَى الْقِيَاسِ الْعَقْلِيِّ الْمَنْطِقِيِّ