. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

حُكْمًا بِالْقِيَاسِ، فَقَدْ يَعْلَمُ ثُبُوتَ ذَلِكَ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ قَطْعًا، وَقَدْ يَظُنُّهُ ظَنًّا، وَقَدْ يَعْتَقِدُهُ اعْتِقَادًا، وَالْعِلْمُ وَالظَّنُّ وَالِاعْتِقَادُ مُشْتَرَكَةٌ فِي كَوْنِهَا إَثْبَاتًا.

وَقَوْلُنَا: مِثْلُ حُكْمٍ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْفَرْعِ لَيْسَ هُوَ نَفْسَ حُكْمِ الْأَصْلِ، إِذِ الْحُكْمُ وَصْفٌ لِمَحَلِّهِ، وَوَصْفُ أَحَدِ الْمَحَلَّيْنِ لَيْسَ وَصْفًا لِلْآخَرِ، فَتَحْرِيمُ الْخَمْرِ لَيْسَ هُوَ نَفْسَ تَحْرِيمِ النَّبِيذِ، بَلْ هُوَ مِثْلُهُ.

وَقَوْلُنَا: حُكْمُ مَعْلُومٍ لِمَعْلُومٍ لِيَتَنَاوَلَ الْمَوْجُودَ وَالْمَعْدُومَ، وَلَمْ نَقُلْ: حُكْمُ شَيْءٍ لِشَيْءٍ؛ لِئَلَّا يَخْتَصَّ بِالْمَوْجُودِ عَلَى أَصْلِنَا فِي أَنَّ الْمَعْدُومَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَالْقِيَاسُ الشَّرْعِيُّ جَارٍ فِي الْمَوْجُودِ وَالْمَعْدُومِ وَالْمُثْبَتِ وَالْمَنْفِي.

وَقَوْلُنَا: لِاشْتِبَاهِهِمَا فِي عِلَّةِ الْحُكْمِ ظَاهِرٌ، وَلَعَلَّ فِيهِ تَنْبِيهًا عَلَى تَنَاوُلِهِ قِيَاسَ الشَّبَهِ وَغَيْرِهِ.

وَقَوْلُنَا: عِنْدَ الْمُثْبِتِ؛ لِيَشْمَلَ الْقِيَاسَ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعِلَّةَ قَدْ تَكُونُ مَنْصُوصَةً، وَقَدْ تَكُونُ مُسْتَنْبَطَةٌ، كَعِلَّةِ الرِّبَا الْمُسْتَخْرَجَةِ مِنْ تَحْرِيمِ الرِّبَا فِي الْأَعْيَانِ السِّتَّةِ بِطَرِيقِ تَخْرِيجِ الْمَنَاطِ، وَهَلْ هِيَ الْكَيْلُ، أَوِ الطَّعْمُ، أَوِ الْوَزْنُ، أَوِ الِاقْتِيَاتُ؟ ، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ، وَمُرَادُ الشَّرْعِ إِنَّمَا هُوَ وَاحِدَةٌ مِنْهَا، فَلَوِ اقْتَصَرْنَا عَلَى قَوْلِنَا: لِاشْتِبَاهِهِمَا فِي عِلَّةِ الْحُكْمِ، لَكَانَ بِتَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ الْمُرَادَةُ مِنَ الْحَدِيثِ هِيَ الْكَيْلَ، يَكُونُ التَّعْلِيلُ بِغَيْرِهَا قِيَاسًا فَاسِدًا خَارِجًا عَنِ الْحَدِّ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ الْعِلَّةِ الْمُرَادَةِ لِلشَّارِعِ، فَإِذَا قُلْنَا: لِاشْتِبَاهِهِمَا فِي عِلَّةِ الْحُكْمِ عِنْدَ الْمُثْبِتِ، وَهُوَ الْقَائِسُ، كَانَ إِثْبَاتُ كُلِّ مُجْتَهِدٍ لِلْحُكْمِ بِالْوَصْفِ الَّذِي رَآهُ عِلَّةً قِيَاسًا شَرْعِيًّا دَاخِلًا فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015