. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي انْتِقَالِهِ عَنِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إِلَى الِاجْتِهَادِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ تَرْكَ ذِكْرِ كُتُبِ مَنْ قَبْلَهُ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيمَا حُرِّفَ مِنْهَا، وَلَمْ يَصِحَّ نَقْلُهُ، إِنَّمَا " الْكَلَامُ فِيمَا صَحَّ عِنْدَهُ مِنْهَا كَمَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَحْكَامِهَا "، فَذَلِكَ الَّذِي هُوَ شَرْعٌ لَهُ لَا غَيْرُهُ.
قَوْلُهُ: " وَإِذَا تَعَبَّدَهُ اللَّهُ بِهَا "، إِلَى آخِرِهِ.
هَذَا جَوَابٌ عَنِ الْوَجْهِ الْخَامِسِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: " لَوْ كَانَ شَرْعًا لَنَا، لَكَانَ " النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " تَبَعًا لِغَيْرِهِ "؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ بِتَحْرِيفِ الْكُتُبِ السَّابِقَةِ لَمْ يَنْتَظِمْهُ.
وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا تَعَبَّدَ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ وَبِمُقْتَضَى كُتُبِهِمْ، لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ غَضٌّ مِنْ مَنْصِبِهِ، وَلَا جَعْلُهُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ مُطِيعٌ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، لَا لِمَنْ قَبْلَهُ مِنَ الرُّسُلِ، فَهُوَ كَالْمَلَائِكَةِ لَمَّا أُمِرُوا بِالسُّجُودِ لِآدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ غَضٌّ عَلَيْهِمْ، وَلَا نَقْصٌ؛ لِأَنَّ سُجُودَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا كَانَ طَاعَةً لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ، لَا لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَبِالْجُمْلَةِ إِذَا كَانَتْ طَاعَةُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - لَمْ يَضُرُّهُ مَا كَانَ هُنَاكَ مِنَ الْوَسَائِطِ وَالْأَسْبَابِ.