النَّافِي: لَوْ كَانَ شَرْعًا لَنَا لَمَا صَحَّ: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً} وَ «بُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ» ، إِذْ يُفِيدَانِ اخْتِصَاصَ (كُلٍّ) بِشَرِيعَةٍ، وَلَلَزِمَهُ وَأُمَّتَهُ تَعَلُّمُ كُتُبِهِمْ، وَالْبَحْثُ عَنْهَا، وَالرُّجُوعُ إِلَيْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ النَّصِّ فِي شَرْعِهِ، وَلَمَا تَوَقَّفَ عَلَى الْوَحْيِ فِي الظِّهَارِ وَاللِّعَانِ وَالْمَوَارِيثِ وَنَحْوِهَا، وَلَمَا غَضِبَ حِينَ رَأَى بِيَدِ عُمَرَ قِطْعَةً مِنَ التَّوْرَاةِ، وَلَكَانَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ، وَهُوَ غَضٌّ مِنْ مَنْصِبِهِ وَمُنَاقَضَةٌ لِقَوْلِهِ: «لَوْ كَانَ» مُوسَى حَيًّا لَاتَّبَعَنِي، وَلَمَا صَوَّبَ مُعَاذًا فِي انْتِقَالِهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إِلَى الِاجْتِهَادِ، لَا يُقَالُ: الْكِتَابُ تَنَاوَلَ التَّوْرَاةَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمْ يُعْهَدْ مِنْ مُعَاذٍ اشْتِغَالٌ بِهَا وَإِطْلَاقُ الْكِتَابِ فِي عُرْفِ الْإِسْلَامِ يَنْصَرِفُ إِلَى الْقُرْآنِ.

وَأُجِيبَ عَنِ الْأَوَّلَيْنِ: بِأَنَّ اشْتِرَاكَ الشَّرِيعَتَيْنِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ لَا يَنْفِي اخْتِصَاصَ كُلِّ نَبِيٍّ بِشَرِيعَةٍ اعْتِبَارًا بِالْأَكْثَرِ، وَعَنِ الْبَاقِي بِأَنَّهَا حُرِّفَتْ فَلَمْ تُنْقُلْ إِلَيْهِ مَوْثُوقًا بِهَا، وَالْكَلَامُ فِيمَا صَحَّ عِنْدَهُ مِنْهَا كَمَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَحْكَامِهَا، وَإِذَا تَعَبَّدَهُ اللَّهُ بِهَا فَلَا غَضَّ وَلَا تَبَعِيَّةَ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قَوْلُهُ: " النَّافِي "، أَيْ: النَّافِي لِشَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْعٍ لَنَا بِوُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: " لَوْ كَانَ " شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا " شَرْعًا لَنَا، لَمَا صَحَّ " قَوْلُهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [الْمَائِدَةِ: 48] ، وَلَمَا صَحَّ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: بُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، " إِذْ يُفِيدَانِ "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015