. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الصُّبْحَ، وَاسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ.
فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَوْجُهٍ احْتَجَّ بِهَا مَنْ أَثْبَتَ أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا.
قَوْلُهُ: " وَأُجِيبَ "، أَيْ: أَجَابَ النَّافُونَ لِذَلِكَ عَنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ السَّبْعَةِ بِأَنْ قَالُوا: " إِنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْآيَاتِ " الْمَذْكُورَةِ فِي الْأَوْجُهِ الْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ إِنَّمَا هُوَ " التَّوْحِيدُ وَالْأُصُولُ الْكُلِّيَّةُ " الْمَعْرُوفَةُ بِأُصُولِ الدِّينِ، وَمَا يَجُوزُ عَلَى الْبَارِئِ جَلَّ جَلَالُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ، " وَهِيَ " أَيِ: الْأُصُولُ الْكُلِّيَّةُ " مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الشَّرَائِعِ " كُلِّهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِنَا: اللَّهُ وَاحِدٌ أَحَدٌ أَزَلِيٌّ بَاقٍ سَرْمَدِيٌّ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، خَالِقٌ لِلْعَالَمِ، مُرْسِلٌ لِلرُّسُلِ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ، لَيْسَ بِجَائِرٍ وَلَا ظَالِمٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، لَا أَنَّ شَرْعَ مِنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا فِي فُرُوعِ الدِّينِ، بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَدِلَّتِنَا عَلَى ذَلِكَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ فَلَيْسَ إِشَارَةً إِلَى حُكْمِ التَّوْرَاةِ، بَلْ إِمَّا إِلَى عُمُومِ قَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [الْبَقَرَةِ: 194] ، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الْعُدْوَانَ فِي السِّنِّ وَغَيْرِهَا، أَوْ إِلَى عُمُومِ قَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [الْمَائِدَةِ: 45] عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ: (وَالْجُرُوحُ) بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَهُوَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ، وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ مِنْ كِتَابِنَا وَشَرْعِنَا، لَا مِنَ التَّوْرَاةِ وَشَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا.