. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الدُّنْيَا ; كَانَ ذَلِكَ مِنْ ذَوَاتِ الْجِهَتَيْنِ، فَيَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِالْإِجْمَاعِ فِيهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ جِهَادٌ دِينِيٌّ، لَا مِنْ حَيْثُ هُوَ مَعْصِيَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ.

وَأَمَّا أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ إِنْ تُصَوِّرَ نَزَلَ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ، فَقَدْ بَانَ بِمَا تَقَدَّمَ ; وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: إِنْ كَانَ الْحَرْبُ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، جَازَ التَّمَسُّكُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ قِتَالَ مَعْصِيَةٍ، أَوْ لَمْ يَكُنْ طَاعَةً، لَمْ يَجُزْ، وَاللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.

إجماع الأمم السالفة

تَنْبِيهٌ: اخْتُلِفَ فِي إِجْمَاعِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ ; هَلْ كَانَ حُجَّةً؟ فَقِيلَ: لَا، وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ.

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ: وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، وَقِيلَ: إِجْمَاعُ كُلِّ أُمَّةٍ حُجَّةٌ، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ فِي الْمِلَلِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيِّ.

وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إِنْ قَطَعَ أَهْلُ الْإِجْمَاعِ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِقَوْلِهِمْ، فَهُوَ حُجَّةٌ، لِاسْتِنَادِهِ إِلَى قَاطِعٍ فِي الْعَادَةِ، وَالْعَادَةُ لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأُمَمِ، وَإِلَّا كَانَ مُسْتَنَدُهُ مَظْنُونًا، وَالْوَجْهُ الْوَقْفُ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: لَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ كَانَ الْحَالُ، يَعْنِي هَلْ كَانَ إِجْمَاعُهُمْ حُجَّةً أَمْ لَا؟

قُلْتُ: فَقَدْ تَلَخَّصَ فِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ: ثَالِثُهَا: الْوَقْفُ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ. وَقَوْلُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَقْرَبُ فِيهَا إِلَى الصَّوَابِ.

وَالْمُخْتَارُ فِي الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ مُسْتَنَدَ الْإِجْمَاعِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ، إِنْ كَانَ عَقْلِيًّا ; فَإِجْمَاعُ كُلِّ أُمَّةٍ حُجَّةٌ عَلَى حَسَبِ إِجْمَاعِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي مَرَاتِبِهِ، إِذِ الْمَدَارِكُ الْعَقْلِيَّةُ لَا تَخْتَلِفُ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُ إِجْمَاعِ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَمْعِيًّا، فَالْوَقْفُ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015