. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِنَاءً عَلَى عِصْمَتِهِ، فَكَذَا هَاهُنَا تَحْكُمُ الْأُمَّةُ بِرَأْيِهَا بِدَلِيلٍ وَغَيْرِ دَلِيلٍ، وَلَا تَحْكُمُ إِلَّا بِحَقٍّ بِنَاءٍ عَلَى عِصْمَتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَمْ يَجُزْ فِي الْأُمَّةِ، لِأَنَّهُمْ فَرْعٌ عَلَيْهِ، وَعِصْمَتُهُمْ فَرْعٌ عَلَى عِصْمَتِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْجُمْهُورُ وَهُمُ الْقَائِلُونَ: لَا إِجْمَاعَ إِلَّا عَنْ مُسْتَنَدٍ فِي مُسْتَنَدِ الْإِجْمَاعِ.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهُ قِيَاسًا وَغَيْرَهُ مِنْ دَلِيلٍ، أَوْ أَمَارَةٍ، أَوْ حُجَّةٍ، أَوْ شُبْهَةٍ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: " لَا يُتَصَوَّرُ " الْإِجْمَاعُ " عَنْ قِيَاسٍ ".
وَقَالَ آخَرُونَ: " يُتَصَوَّرُ " عَنِ الْقِيَاسِ، لَكِنْ لَا يَكُونُ حُجَّةً.
وَقَالَ آخَرُونَ: يَصِحُّ عَنِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ دُونَ الْخَفِيِّ.
قَوْلُهُ: " لَنَا: " أَيْ: عَلَى انْعِقَادِهِ عَنْ قِيَاسٍ وَغَيْرِهِ: هُوَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى حُصُولِ ظَنِّ الْحُكْمِ بِالْقِيَاسِ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ مُحَصِّلٌ لِلظَّنِّ، وَإِذَا حَصَلَ الظَّنُّ، جَازَ الِاتِّفَاقُ عَلَى مُوجِبِهِ حِسًّا وَشَرْعًا.
أَمَّا حِسًّا، فَكَمَا أَنَّ أَهْلَ الْأَرْضِ إِذَا شَاهَدُوا الْغَيْمَ الرَّطْبَ، اشْتَرَكُوا فِي ظَنِّ وُقُوعِ الْمَطَرِ.
وَأَمَّا شَرْعًا، فَكَمَا إِذَا عَلِمَ النَّاسُ أَنَّ النَّبِيذَ مُسْكِرٌ كَالْخَمْرِ، غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ أَنَّهُ حَرَامٌ كَالْخَمْرِ، بِجَامِعِ الْإِسْكَارِ، وَالِاتِّفَاقُ عَلَى مُوجِبِ هَذَا الظَّنِّ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ.
قَوْلُهُ: " قَالُوا: " يَعْنِي الْمَانِعِينَ بِانْعِقَادِهِ عَنِ الْقِيَاسِ احْتَجُّوا بِأَنَّ " الْقِيَاسَ