. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

أَهْلِ الْوَعِيدِ فِي الْآخِرَةِ، وَالْجِنَايَةُ شَرْعًا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ عُقُوبَتَانِ.

وَقَوْلُنَا: مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، احْتِرَازٌ مِنْ قَتْلِ الْمُحْرِمِ صَيْدًا مَمْلُوكًا، فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، لِحَقِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالْقِيمَةُ لِحَقِّ الْمَالِكِ، فَهُمَا جِهَتَانِ.

قَوْلُهُ: «فَأَمَّا {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} » [النِّسَاءِ: 43] ، إِلَى آخِرِهِ.

هَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، تَقْدِيرُهُ: إِنَّ قَوْلَكُمْ: إِنَّ السَّكْرَانَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، يَرُدُّهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النِّسَاءِ: 43] وَهُوَ خِطَابٌ لِلسُّكَارَى، وَلَا يُخَاطِبُ الشَّارِعُ إِلَّا مُكَلَّفًا، فَالسَّكْرَانُ مُكَلَّفٌ، وَجَوَابُهُ، أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ، تَأْوِيلُهَا وَاجِبٌ، وَلَهَا تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَعْنَاهُ: «لَا تَسْكَرُوا ثُمَّ تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ» ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آلِ عِمْرَانَ: 102] ، أَيِ: اسْتَمِرُّوا عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى يَأْتِيَكُمُ الْمَوْتُ، وَقَوْلُنَا: لَا تَقْرَبِ التَّهَجُّدَ وَأَنْتَ شَبْعَانُ، أَيِ: اسْتَمِرَّ عَلَى خِفَّةِ الْبَدَنِ، حَتَّى تَقُومَ لِلتَّهَجُّدِ، فَكَذَلِكَ الْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ: اسْتَمِرُّوا عَلَى الصَّحْوِ حَتَّى تَدْخُلُوا الصَّلَاةَ، وَتَفْرَغُوا مِنْهَا، وَلَا تَدْخُلُوهَا سُكَارَى، فَتَضْطَرِبَ عَلَيْكُمْ صَلَاتُكُمْ. وَحَاصِلُ هَذَا، أَنَّهُمْ خُوطِبُوا فِي حَالِ الصَّحْوِ، بِأَنْ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ سُكَارَى، لَا أَنَّهُمْ خُوطِبُوا حَالَ السُّكْرِ، وَهَذَا أَوْضَحُ فِي الْآيَةِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَأَنْتُمْ سُكَارَى، جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، أَيْ: فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ قَوْلِهِ: لَا تَقْرَبُوا، فَالسُّكْرُ مُتَعَلِّقٌ بِقُرْبَانِ الصَّلَاةِ، لَا بِخِطَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِلْمُصَلِّينَ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَكَانَ تَقْدِيرُ الْآيَةِ: يَا أَيُّهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015