. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْحَقِّ، الَّذِينَ لَا يَخَافُونَ فِيهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ " وَإِذَا كَانَ السُّكُوتُ عَنِ الْخِلَافِ مُمْتَنِعًا فِي الْعَادَةِ ; وَجَبَ أَنْ يَكُونَ السُّكُوتُ دَلِيلَ الرِّضَا عَادَةً، فَيَكُونُ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ مَعَهُ إِجْمَاعًا.
قَوْلُهُ: " قَالُوا: " أَيِ: الْمَانِعُونَ لِكَوْنِهِ إِجْمَاعًا، احْتَجُّوا بِأَنَّ سُكُوتَ السَّاكِتِ عَنْ إِظْهَارِ خِلَافِ قَوْلِ الْقَائِلِ " يَحْتَمِلُ " أُمُورًا:
أَحَدُهَا: " النَّظَرُ " فِي الدَّلِيلِ، وَالتَّرَوِّي فِي الْحُكْمِ، إِذْ لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَسْتَحْضِرُ الدَّلِيلَ بَدِيهَةً، وَلَا كُلُّ دَلِيلٍ يُسْتَحْضَرُ كَذَلِكَ، لِتَفَاوُتِ الْأَذْهَانِ فِي الْإِدْرَاكِ، وَالْأَحْكَامِ فِي الْوُضُوحِ وَالْخَفَاءِ.
الثَّانِي: " التَّقِيَّةُ " لِلْقَائِلِ، أَيْ: يَتَّقِي سَطْوَتَهُ مَهَابَةً لَهُ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
هِبْتُهُ، وَكَانَ امْرَأً مَهِيبًا، يَعْنِي عُمَرَ.
الثَّالِثُ: " التَّصْوِيبُ " وَهُوَ أَنْ يَسْكُتَ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، وَهَذَا الْقَائِلُ مُجْتَهِدٌ، فَيَكُونُ مُصِيبًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ مُوَافَقَةُ السَّاكِتِ.
الرَّابِعُ: " التَّأْخِيرُ لِمَصْلَحَةٍ " وَالْمَصَالِحُ الَّتِي يُقَدَّرُ عُرُوضُهَا، وَمُنَاسَبَةُ تَأْخِيرِ الْإِنْكَارِ لَهَا كَثِيرَةٌ، كَخَوْفِ إِثَارَةِ فِتْنَةٍ وَنَحْوِهِ.
الْخَامِسُ: أَنَّهُ سَكَتَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ غَيْرَهُ قَدْ أَنْكَرَ فَسَقَطَ الْإِنْكَارُ عَنْهُ، لِأَنَّ إِنْكَارَ مَا لَا يَجُوزُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَيَسْقُطُ عَنِ الْجَمِيعِ بِفِعْلِ الْبَعْضِ كَمَا سَبَقَ.
السَّادِسُ: أَنَّهُ سَكَتَ مَخَافَةَ أَنْ لَا يُلْتَفَتَ إِلَى إِنْكَارِهِ، بِأَنْ ظَهَرَتْ لَهُ