. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَحَدُهُمَا: أَنَّ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيَّ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ: قَدْ كَانَ اتَّفَقَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ عَلَى أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تُبَاعُ، وَقَدْ رَأَيْتُ الْآنَ بَيْعَهَا، فَقَالَ لَهُ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ: رَأْيُكَ مَعَ الْجَمَاعَةِ خَيْرٌ لَنَا مِنْ رَأْيِكَ وَحْدَكَ، فَيُقَالُ: إِنَّ عَلِيًّا قَالَ لَهُ: لِلَّهِ دَرُّكَ، مَا أَفْقَهَكَ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ رُجُوعُهُ، وَأَنَّهُ عَاوَدَ مُوَافَقَةَ الْجَمَاعَةِ.
الْجَوَابُ الثَّانِي: بِتَقْدِيرِ أَنَّ رُجُوعَهُ اسْتَقَرَّ، فَلَا حُجَّةَ فِي رُجُوعِهِ عَلَى اشْتِرَاطِ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ، لِجَوَازِ أَنَّهُ ظَنَّ مَا ظَنَنْتُمُوهُ مِنِ اشْتِرَاطِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْأَدِلَّةِ.
وَأَمَّا رُجُوعُ عُمَرَ عَنِ التَّسْوِيَةِ فِي قِسْمَةِ الْفَيْءِ، فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ كَانَ وَافَقَ عَلَيْهَا ظَاهِرًا حَتَّى تَكُونَ مُخَالَفَتُهُ رُجُوعًا.
سَلَّمْنَا مُوَافَقَتَهُ ظَاهِرًا ; لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ مُوَافَقَتَهُ بَاطِنًا، فَلَعَلَّهُ مَا أَظْهَرَ الْخِلَافَ إِكْرَامًا لِأَبِي بَكْرٍ عَنْ رَدِّ رَأْيِهِ، أَوْ مَهَابَةً لَهُ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي مَسْأَلَةِ الْعَوْلِ حِينَ قِيلَ لَهُ: أَيْنَ كَانَ رَأْيُكَ هَذَا فِي زَمَنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؟