. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وَأَمَّا الثَّانِي: فَنَحْوُ قَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الْعَنْكَبُوتِ: 63] ، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الْأَعْرَافِ: 131] ، {لَا يَشْكُرُونَ} [يُونُسَ: 60] ، {لَا يُؤْمِنُونَ} [الْبَقَرَةِ: 100] ، {وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الْأَعْرَافِ: 17] ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَمِنَ الْجَائِزِ أَنْ يُصِيبَ الْأَقَلُّ، وَيُخْطِئَ الْأَكْثَرُ، فَلَا يَحْصُلُ الْيَقِينُ بِوُجُودِ الْإِجْمَاعِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَيُسْتَصْحَبُ حَالُهُ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ إِطْلَاقَ الْكُلِّ عَلَى الْأَكْثَرِ «مَجَازٌ» لَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ «وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ» فَيَجِبُ اعْتِبَارُهَا مَا لَمْ يَصْرِفْ عَنْهُ قَاطِعٌ.

قَوْلُهُ: «وَالشُّذُوذُ الْمَذْمُومُ» . هَذَا جَوَابٌ عَنْ حُجَّةِ ابْنِ جَرِيرٍ حَيْثُ قَالَ: لَا يُعْتَبَرُ خِلَافُ الْأَقَلِّ لِارْتِكَابِهِ الشُّذُوذَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ.

وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ: أَنَّ الشُّذُوذَ الْمَذْمُومَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ شَرْعًا هُوَ الشُّذُوذُ «الشَّاقُّ عَصَا الْإِسْلَامِ، الْمُثِيرُ لِلْفِتَنِ» كَشُذُوذِ الْخَوَارِجِ، وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ، لَا الشُّذُوذُ فِي أَحْكَامِ الِاجْتِهَادِ.

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ: ثُمَّ إِنَّ ابْنَ جَرِيرٍ قَدْ شَذَّ عَنِ الْجَمَاعَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَبَرَ خِلَافُهُ، وَيَكُونُ مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ بِعَيْنِ مَا ذُكِرَ.

قَوْلُهُ: «لَكِنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ حُجَّةٌ» يَعْنِي: اتِّفَاقَ الْأَكْثَرِ مَعَ مُخَالَفَةِ الْأَقَلِّ، اخْتُلِفَ فِيهِ، فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ حُجَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِجْمَاعًا، لِأَنَّ «إِصَابَةَ الْأَكْثَرِ أَظْهَرُ» مِنْ خَطَئِهِمْ، فَيَكُونُ حُجَّةً يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ عَلَى أَهْلِهِ، وَلَا يَكُونُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015