أَمَّا الْأُصُولِيُّ غَيْرُ الْفُرُوعِيِّ وَعَكْسُهُ، وَالنَّحْوِيُّ فِي مَسْأَلَةٍ مَبْنَاهَا عَلَى النَّحْوِ فَقَطْ، فَفِي اعْتِبَارِ قَوْلِهِمِ الْخِلَافُ فِي تَجْزِيءِ الِاجْتِهَادِ، وَالْأَشْبَهُ اعْتِبَارُ قَوْلِ الْأُصُولِيِّ وَالنَّحْوِيِّ فَقَطْ لِتَمَكُّنِهِمَا مِنْ دَرْكِ الْحُكْمِ بِالدَّلِيلِ، وَالْمَسْأَلَةُ اجْتِهَادِيَّةٌ، وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ كَافِرٍ مُتَأَوِّلٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَقِيلَ: الْمُتَأَوِّلُ كَالْكَافِرِ عِنْدَ الْمُكَفِّرِ دُونَ غَيْرِهِ، وَفِي الْفَاسِقِ بِاعْتِقَادٍ أَوْ فِعْلٍ النَّفْيُ عِنْدَ الْقَاضِي، إِذْ لَيْسَ عَدْلًا وَسَطًا، وَالْإِثْبَاتُ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ، إِذْ هُوَ مِنَ الْأُمَّةِ.

وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ، أَيْ: يَكُونُ الْإِجْمَاعُ الْمُنْعَقِدُ بِهِ حُجَّةً عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ لِلْمُجْمِعِينَ عَدَدُ التَّوَاتُرِ فِي الْأَكْثَرِ، إِذِ الْعِصْمَةُ لِلْأُمَّةِ، فَلَوِ انْحَصَرَتْ فِي وَاحِدٍ، فَقِيلَ: حُجَّةٌ لِدَلِيلِ السَّمْعِ. وَقِيلَ: لَا لِانْتِفَاءِ مَعْنَى الْإِجْمَاعِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قَوْلُهُ: «أَمَّا الْأُصُولِيُّ غَيْرُ الْفُرُوعِيِّ» أَيِ: الْعَالِمُ بِأُصُولِ الْفِقْهِ دُونَ فُرُوعِهِ، كَكَثِيرٍ مِنَ الْأَعَاجِمِ تَتَوَفَّرُ دَوَاعِيهِمْ عَلَى الْمَنْطِقِ وَالْفَلْسَفَةِ وَالْكَلَامِ، فَيَتَسَلَّطُونَ بِهِ عَلَى أُصُولِ الْفِقْهِ، إِمَّا عَنْ قَصْدٍ، أَوِ اسْتِتْبَاعٍ لِتِلْكَ الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ، وَلِهَذَا جَاءَ كَلَامُهُمْ فِيهِ عَرِيًّا عَنِ الشَّوَاهِدِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُقَرِّبَةِ لِلْفَهْمِ عَلَى الْمُشْتَغِلِينَ، مَمْزُوجًا بِالْفَلْسَفَةِ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ تَكَلَّفَ إِلْحَاقَ الْمَنْطِقِ بِأَوَائِلِ كُتُبِ أُصُولِ الْفِقْهِ، لِغَلَبَتِهِ عَلَيْهِ. وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ مِنْ مَوَادِّهِ، كَمَا ذُكِرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015