وَقِيلَ: لَمْ يَظْهَرْ خِلَافٌ فِي صِحَّةِ التَّمَسُّكِ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى خَالَفَ النَّظَّامُ، وَالْإِجْمَاعُ قَبْلَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنَّهُ تَمَسَّكَ بِإِجْمَاعٍ سُكُوتِيٍّ ضَعِيفٍ عَلَى قَطْعِيَّةِ الْإِجْمَاعِ.
وَمَعْنَى كَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً وُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِ مُقَدَّمًا عَلَى بَاقِي الْأَدِلَّةِ، لَا بِمَعْنَى الْجَازِمِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ النَّقِيضَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِلَّا لَمَا اخْتُلِفَ فِي تَكْفِيرِ مُنْكِرِ حُكْمِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: «وَقِيلَ: لَمْ يَظْهَرْ خِلَافٌ فِي صِحَّةِ التَّمَسُّكِ بِالْإِجْمَاعِ، حَتَّى خَالَفَ النَّظَّامُ، وَالْإِجْمَاعُ قَبْلَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ» .
هَذَا دَلِيلٌ اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ، عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ النَّظَّامِ فِي نَفْيِ ذَلِكَ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ عُلَمَاءَ الْأُمَّةِ، مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، لَمْ يَزَالُوا يَتَمَسَّكُونَ عَلَى صِحَّةِ ثُبُوتِ الْأَحْكَامِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَمْ يُظْهِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ خِلَافًا فِي التَّمَسُّكِ بِهِ، حَتَّى ظَهَرَ النَّظَّامُ فَخَالَفَ فِيهِ، وَيَسْتَحِيلُ فِي مُطَّرِدِ الْعَادَةِ اتِّفَاقُ الْأُمَّةِ فِي الْأَعْصَارِ الْمُتَكَرِّرَةِ، مَعَ اخْتِلَافِ فِطَرِهِمْ، وَتَفَاوُتِ مَذَاهِبِهِمْ فِي الرَّدِّ وَالْقَبُولِ، عَلَى التَّمَسُّكِ بِمَا لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّةِ التَّمَسُّكِ بِهِ،