. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وَالثَّانِي: نَصْبُ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ عَلَى الْأَحْكَامِ.

وَالثَّالِثُ: وَعِيدُ الشَّرْعِ الْبَاعِثُ عَلَى الْبَحْثِ وَالِاجْتِهَادِ، وَالنَّظَرِ فِي اسْتِخْرَاجِ الْأَحْكَامِ، كَقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: انْظُرُوا {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا} [الْأَعْرَافِ: 7 و185] ، وَنَحْوِهِ مِنَ الْأَوَامِرِ بِالنَّظَرِ، وَهُوَ عَامٌّ فِي النَّظَرِ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَالْعَقْلُ يَضْطَرُّ صَاحِبَهُ مَعَ الْوَعِيدِ عَلَى تَرْكِ الِاجْتِهَادِ إِلَى النَّظَرِ، وَيَسْتَعِينُ عَلَى دَرْكِ الْحَقِّ بِنَصْبِ الْأَدِلَّةِ عَلَيْهِ، فَيَسْهُلُ عَلَيْهِ إِدْرَاكُهُ، خُصُوصًا مَعَ قِلَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَجْمُوعِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ الْأَمْرُ الرَّابِعُ مِنَ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ، فَإِنَّ مُجْتَهِدِي كُلِّ عَصْرٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَجْمُوعِ أَهْلِ ذَلِكَ الْعَصْرِ قَلِيلٌ جِدًّا، بِحَيْثُ إِنَّ الْإِقْلِيمَ الْعَظِيمَ، الطَّوِيلَ الْعَرِيضَ، لَا يُوجَدُ فِيهِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ إِلَّا الْوَاحِدُ بَعْدَ الْوَاحِدِ، فَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ مَعَ تَحَقُّقِ هَذِهِ الْأُمُورِ، لَا يَمْتَنِعُ وُقُوعُ الْإِجْمَاعِ.

قَوْلُهُ:» وَاخْتِلَافُ الْقَرَائِحِ عَقْلِيٌّ بِخِلَافِ اخْتِلَافِ الدَّوَاعِي الشَّهْوَانِيَّةِ، إِذْ هُوَ طَبَعِيٌّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا جَلِيٌّ «.

هَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَمَشْهُورٍ لِمُنْكِرِي جَوَازِ الْإِجْمَاعِ.

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ اتِّفَاقَ الْمُجْتَهِدِينَ لَوْ جَازَ وُقُوعُهُ لَكَانَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَنْ دَلِيلٍ ظَنِّيٍّ، أَوْ قَطْعِيٍّ، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ، إِذْ يَسْتَحِيلُ فِي الْعَادَةِ مَعَ اخْتِلَافِ الْأَذْهَانِ وَالْقَرَائِحِ اجْتِمَاعُ الْخَلْقِ الْكَثِيرِ عَلَى مُوجِبِ دَلِيلٍ ظَنِّيٍّ، كَمَا يَسْتَحِيلُ عَادَةً اتِّفَاقُهُمْ مَعَ اخْتِلَافِ الشَّهَوَاتِ وَالدَّوَاعِي عَلَى أَكْلِ طَعَامٍ مُعَيَّنٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ اتِّفَاقُهُمْ عَنْ دَلِيلٍ قَاطِعٍ يُبْطِلُ فَائِدَةَ الْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الْقَاطِعَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015