الْفَصْلُ الثَّانِي
فِي التَّكْلِيفِ
وَهُوَ لُغَةً: إِلْزَامُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ، أَيْ مَشَقَّةٌ.
وَشَرْعًا: قِيلَ: الْخِطَابُ بِأَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ. إِلَّا أَنْ نَقُولَ: الْإِبَاحَةُ تَكْلِيفٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ، فَتَرِدُ عَلَيْهِ طَرْدًا وَعَكْسًا. فَهُوَ إِذَنْ إِلْزَامُ مُقْتَضَى خِطَابِ الشَّرْعِ. وَلَهُ شُرُوطٌ، يَتَعَلَّقُ بَعْضُهَا بِالْمُكَلَّفِ، وَبَعْضُهَا بِالْمُكَلَّفِ بِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ: «الْفَصْلُ الثَّانِي فِي التَّكْلِيفِ. وَهُوَ لُغَةً» ، أَيْ: فِي اللُّغَةِ «إِلْزَامُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ أَيْ: مَشَقَّةٌ» .
قُلْتُ: إِلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْإِلْزَامُ بِهِ: هُوَ تَصْيِيرُهُ لَازِمًا لِغَيْرِهِ، لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ مُطْلَقًا أَوْ وَقْتًا مَا.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْكُلْفَةُ مَا يَتَكَلَّفُهُ مِنْ نَائِبَةٍ أَوْ حَقٍّ، وَكَلَّفَهُ تَكْلِيفًا: إِذَا أَمَرَهُ بِمَا يَشُقُّ. قُلْتُ: هَذَا تَعْرِيفٌ لُغَوِيٌّ بِنَاءً عَلَى مَا اشْتُهِرَ مِنْ حَقِيقَةِ الْكُلْفَةِ، وَتَعْرِيفُهَا الصِّنَاعِيُّ قَدْ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: كَلَّفَهُ، أَيْ: أَمَرَهُ بِمَا يَشُقُّ، فَهِيَ إِذًا كَمَا قُلْنَاهُ: إِلْزَامُ مَا يَشُقُّ. وَالشِّقُّ وَالْمَشَقَّةُ وَاحِدٌ، وَهُوَ لُحُوقُ مَا يُسْتَصْعَبُ بِالنَّفْسِ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ