. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قُلْتُ: وَوَجْهُ الْخَلَلِ فِي هَذَا التَّقْرِيرِ، أَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، فَقَوْلُهُ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُكْمٌ، فَهُوَ حُكْمُ اللَّهِ فِي حَقِّهِ.
قُلْنَا: نَعَمْ، لَكِنْ نَحْنُ فِي تَعْرِيفِ الْفِقْهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فِقْهٌ، لَا مِنْ حَيْثُ هُوَ فِقْهُ مُجْتَهِدٍ خَاصٍّ، إِذْ ذَلِكَ يَصِيرُ إِثْبَاتًا لِلْمَطْلُوبِ الْعَامِّ بِالتَّقْرِيرِ الْخَاصِّ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ.
ثُمَّ قَوْلُهُ: فَقَدْ صَارَتِ الْأَحْكَامُ فِي مَوَاضِعِ الْخِلَافِ ثَابِتَةً بِالْإِجْمَاعِ.
إِنْ أَرَادَ بِهَذَا الْكَلَامِ عُمُومَهُ، فَهُوَ تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمٍ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا ثَابِتَةٌ بِالْإِجْمَاعِ عِنْدَ مُجْتَهِدٍ خَاصٍّ، وَهُوَ مَنْ حَصَلَ لَهُ ظَنُّ تِلْكَ الْأَحْكَامِ، رَجَعَ الْأَمْرُ إِلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ تَقْرِيرِ الدَّعْوَى الْعَامَّةِ بِالطَّرِيقَةِ الْخَاصَّةِ.
وَأَمَّا بَيَانُ الْخَلَلِ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي، فَبِنَحْوِ ذَلِكَ أَيْضًا، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: وُجُوبُ التَّدْلِيكِ مَظْنُونٌ لِمَالِكٍ، فَيَكُونُ حُكْمُ اللَّهِ قَطْعًا.
إِنْ أَرَادَ بِهِ حُكْمَ اللَّهِ قَطْعًا فِي حَقِّ كُلِّ مُجْتَهِدٍ، فَهُوَ بَاطِلٌ، لِأَنَّ بَقِيَّةَ الْأَئِمَّةِ صَرَّحُوا بِخِلَافِهِ.
وَإِنْ أَرَادَ بِهِ حُكْمَ اللَّهِ فِي حَقِّ مَالِكٍ، فَصَحِيحٌ، لَكِنْ نَحْنُ كَلَامُنَا فِي تَعْرِيفِ الْفِقْهِ الْمُطْلَقِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلِّ مُجْتَهِدٍ فِي الشَّرِيعَةِ، فَكَيْفَ يَثْبُتُ ذَلِكَ بِفَرْضِ الْكَلَامِ فِي فِقْهِ مَالِكٍ أَوْ غَيْرِهِ بِخُصُوصِهِ.
ثُمَّ لَوْ قَالَ الشَّفَعَوِيُّ: عَدَمُ وُجُوبِ التَّدْلِيكِ مَظْنُونٌ لِلشَّافِعِيِّ عَمَلًا بِالْوِجْدَانِ، فَيَكُونُ حُكْمُ اللَّهِ قَطْعًا فِي حَقِّهِ، عَمَلًا بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِالْقَطْعِ فِيمَا قَرَّرَهُ الْقَطْعُ الْعَامُّ، تَنَاقَصَتِ الْقَطْعِيَّاتُ، لِأَنَّ هَذَا يَقْطَعُ بِالْوُجُوبِ، وَهَذَا بِعَدَمِهِ، وَذَلِكَ