الحنفية يرون حتى دخول الفرائض في أوقات النهي، في النهي عن الصلاة في هذه الأوقات كالنوافل، فلا تصلى لا فريضة ولا نافلة لا ذات سبب ولا غير سبب، الحنفية يرون هذا، ويستدلون بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما نام هو وأصحابه عن صلاة الصبح ما صلى بعد الاستيقاظ مباشرة، وإنما انتقل من المكان، ويقولون: إن العلة من أجل أن يخرج وقت النهي، أولاً: وقت النهي قد خرج قبل الاستيقاظ؛ لأنهم إنما أيقظهم حر الشمس، الأمر الثاني: أن العلة في الانتقال منصوصة، ((إنه وادٍ حضر فيه الشيطان)) فالمرجح أن الفرائض تفعل حتى في أوقات النهي ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)) الفرائض لا تدخل في أحاديث النهي خلافاً للحنفية انتهينا من الفرائض.
قال: "ويركع للطواف" يركع للطواف لماذا؟ لأنها ذات سبب، وجاء الخبر: ((يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)) فإذا أبيح الطواف أبيح ما يتبعه، وقد نص على التابع، هذا على القول بأن ذوات الأسباب هاتان الركعتان لهما سبب وهو الطواف، هذا جار على قول من يقول بفعل ذات الأسباب في أوقات النهي، وهو المعروف عند الشافعية، الجمهور يقولون: لا، لا يفعل في هذه الأوقات شيء، حتى ما له سبب.
والآن نسمع من يفتي على نطاق واسع في هذه الأيام وقبل هذه الأيام بفعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، وتجدهم في أجوبتهم يتفقون على أن أحاديث النهي عامة، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة، والخاص مقدم على العام، هذه حجتهم، لكن الجمهور يقولون: لا، لا يسلمون بهذا، بل يعكسون ويقلبون المسألة، ويقولون: أحاديث ذوات الأسباب عامة في جميع الأوقات، وأحاديث النهي خاصة في هذه الأوقات، لو كان التعارض بين النصوص من باب العموم والخصوص المطلق كان ما في إشكال، وكل فريق يدعي هذا أنه عموم وخصوص مطلق، لكن الفريق الثاني لا يسلم له، يعني كما يقول الشافعية وشيخ الإسلام ومن يقول بقولهم.