باب المياه: الماء ينقسم ثلاثة أقسام، وهذا التقسيم لا يوجد عند أبي القاسم في مختصره، وهو موجود في جميع كتب المتأخرين، المتون المتأخرة فيها هذا التقسيم، ومنهم من يقتصر على قسمين طاهر ونجس، ومنهم من يزيد الثلاث على الخلاف المعروف، ومنهم من يزيد الرابع المشكوك فيه كابن زرين وهكذا.
يقول: الماء ينقسم ثلاثة أقسام: ماء طهور، وهو الباقي على أصل الخلقة، سواءً نزل من السماء أو نبع من الأرض، فإن تغير بطاهر لا يمكن التحرز منه، أشرنا سابقاً في الدرس الأول أننا في أثناء شرحنا للكتاب أو بعد النهاية من كل باب نشير إلى زوائد المختصرات المعتمدة كالعمدة والدليل والزاد لكن لما جربنا مشينا الآن أربعة دروس وما مشينا مشياً بيناً الظاهر أن هذا يعوقنا عن المشي زيادة، فنعتني بزوائد الهداية التي فيها هذا المدون لهذا الإمام مع مختصر الخرقي، ونكتفي بهذا عن زوائد العمدة زوائد الدليل زوائد الزاد، وإن كان فيها ما يحتاج إليه طالب العلم.
يقول: "القسم الأول ماء طهور، وهو الباقي على أصل الخلقة، فإن تغير بطاهر لا يمكن التحرز منه كالتراب والطحلب -الذي ورد في السؤال قريباً- أو لا يخالطه" يمكن التحرز منه لكن لا يخالطه لا يؤثر فيه، لا يمتزج فيه، لا يؤثر لا في لونه، ولا في طعمه، ولا في رائحته كالدهن، الدهن إذا وقع في الماء يمتزج بالماء؟ ما يمتزج، وكذلك الكافور والعود فهو على طهوريته.
يقول: كيف نجمع بين قاعدتين: الراوي أعلم بما روى، والثانية: العبرة بما روى لا بما رأى؟
الراوي أعلم بما روى إذا اختلف تفسيره لتفسير غيره لما روى قُدم فهو أعرف، وهذه القاعدة أيضاً أغلبية وليست كلية، ورب مبلغ أوعى من سامع، فهو أعلم بما روى إذا اختلف تفسيره للنص مع تفسير غيره، أما إذا خالف النص فالعبرة بالنص لا بمخالفته.
نعود إلى الزائد.
وإن سخن بنجاسة لا تصل إليه غالباً بأن كان الإناء محكماً فلا تصل إليه النجاسة ولا دخانها، ففي كراهية التطهر به روايتين، يعني إحداهما: يكره التطهر به، وذلكم لكراهية استعمال النجاسة، يعني مادة متنجسة لا تستفيد منها، فمزاولة النجاسات واستعمالها ولو كانت بإتلافها بالإحراق يكره عند أهل العلم.