العبادة إذا اعتادها الإنسان، العبادة يعتادها المسلم فتصير جزءاً من تركيبه، لا بد أن يفعلها على مقتضى فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم إذا تكررت معه صار يفعلها تلقائياً، ولذا عليه أن يحرص على استحضار النية، وهذا النوع المذكور في هذه الصورة كالذي يصوم نادراً، وفي كل أوقاته تجده ينسى الصيام، إذا صلى الفجر شرب ماء، وإذا طلعت الشمس أكل شيئاً، ثم بعد ساعة يشرب لبناً، ثم بعد ساعة يتناول شيئاً مما اعتاده، هذا ما اعتاد الصيام كما قال أهل العلم، والذي ينسى سجدة من كل ركعة هذا أقرب إلى كونه يلعب من كونه ينسى، نعم ابتلي كثير من الناس بالنسيان لا سيما في الظرف الذي نعيشه، والأزمان المتأخرة تجد الإنسان ينسى ما بيده، شخص يبحث عن نظارته وهي عليه، وآخر يبحث عن شماغه وإلا طاقيته وهي على رأسه، النوع هذا من النسيان لا شك أن ظروف الحياة التي نعيشها صار له سبب، لكن إذا تصور هذا في الأمور العادية التي يؤثر عليها مثل هذا الأمر فكيف يتصور في العبادة؟ نعم انشغال الناس بأمور دنياهم وصل إلى حد نسي فيه كثير من الناس أنفسهم وهم يتعبدون لله -جل وعلا-، ولا شك أن هذا فيه شيء من إيثار ما انشغلوا به عما انشغلوا عنه، هذا فيه شيء من الإيثار؛ لأن هذا لما استولى على عقله نسي ما هو بصدده، والقلب لا يحتمل هذه الأمور مجتمعة، ولذا يوصي أهل العلم أنه إذا قرب وقت الصلاة أن يتفرغ لها، وأن يقبل عليها بكليته، وبعضهم يشبه القلب بالمروحة، يعني إذا أغلقتها تستمر تشتغل، إذا قطعت أمور دنياك ودخلت فوراً في صلاتك تجد القلب ما زال منشغل بما هو بصدده قبل دخوله في الصلاة، فلا بد أن يترك هناك فرصة يتهيأ الإنسان فيها للعبادة، ويتفرغ من جميع أعماله، ويقبل على ربه ليأتي بصلاة كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يصليها، امتثالاً لقوله: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وقبل سقوط سوق الأسهم قبل سنتين رأينا أوضاع الناس وانسعارهم بهذه الأسهم، وغفلتهم عن دينهم، وعن ذويهم، وعن أسرهم، والنتيجة لا شيء، فعلى المسلم أن يعنى بالرصيد الذي لا يتعرض لمثل هذه الخسائر وهذه الكوارث، ولا يخاف عليه من لص، لا يخاف عليه إلا من صاحبه الذي جمعه، فهو الذي