الصورة الثانية: ذكرها المؤلف -رحمه الله تعالى- بقوله: "ومن كان إماماً فشك فلم يدر كم صلى" مفهومه أنه لو كان مأموماً فإنه حينئذٍ لا يتحرى، بل يبني على اليقين، أما إذا كان إماماً فشك فلم يدر كم صلى تحرى فبنى على أكثر وهمه، الفرق بين الإمام والمأموم، أو المأموم والمنفرد الفرق بينهما أن الإمام خلفه من ينبهه إذا سها، والمأموم ليس وراءه من ينبه، فلا يترجح عنده شيء، فلا يترجح غالب الظن عنده، المأموم يتصور منه أنه يحصل منه هذا إذا سُبق، يشك هل سبق بواحدة أو اثنتين؟ هل أدرك مع الإمام ركعة أو ركعتين؟ وحينئذٍ يكون حكمه حكم المنفرد فيما سبق به، أما فيما أدركه مع الإمام حكمه حكم المأموم، التنصيص على الإمام يخرج المأموم والمنفرد؛ لأنه لا يوجد من ينبههما إذا غلطا، لكن إذا وجد ما يرجح غلبة الظن إما بالزيادة أو بالنقص، يعني تردد هل صلى ركعتين أو ثلاث، وقد دخل مع آخر وكبرا خلف الإمام سواء وهما مسبوقان، شك أحدهما هل أدرك ركعتين أو ثلاث، والثاني جازم لما سلم الإمام جاء بركعة فجلس، هل هذا يرجح غالب الظن عند الثاني، فيكون حكمه حكم الإمام في مثل هذه الصورة، أو نقول: إن المأموم دائماً يعمل باليقين الذي هو الأقل، يبني على اليقين لأنه هو المتيقن؟ يعني مقتضى كلام المؤلف أن المنفرد والمأموم خارج عن هذا التحري، والعلة أنه لا يوجد من يرجح أحد الجانبين عنده بخلاف الإمام؛ لأن خلفه من يرجح، إذا سكتوا علامة على أنه على الصواب على الجادة، وإذا سبحوا به ونبهوه، ترجح عنده الجانب الآخر، لكن إذا وجد ما يرجح بالنسبة للمأموم والمنفرد، فهل يكون حكمه حكم الإمام، فيعمل بغالب الظن أو يبقى حكم المأموم والمنفرد البناء على المتيقن وهو الأقل؟ مثل الإمام؟ لأنه وجد ما يرجح.
يقول هنا: "ومن كان إماماً فلم يدر كم صلى تحرى فبنى على أكثر وهمه" أكثر وهمه، يعني أكثر مع الوهم في تنافر، فيه تنافر؛ لأن الوهم الاحتمال المرجوح، فكيف يكون هو الأكثر؟ يعني قالوا: غالب ظنه هذا الكلام صحيح، لكن أكثر وهمه هذا فيه إشكال، يعني تنافر، التنافر اللفظي؛ لأن الوهم هو الاحتمال المرجوح فكيف يقال: أكثر وهو الأقل من الاحتمالات؟ نعم؟