لكن الكلام هل هذا التنظير يحتاج إليه أو لا يحتاج إليه؟ يحتاج إليه، فإما أن نقول: إن العبادات توقيفية ولا نرفع إلا بنص، وهذا هو الأقرب، أو نقول: إنه تشهد أول؛ لأنه يليه تشهد ثاني أخير، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إذا قام من الركعتين بعد التشهد الأول يرفع يديه، وأهل العلم يقررون أن العبادات لا يدخلها القياس، هذه قاعدة متفق عليها، لكن هم عند التطبيق قد يلجئون إلى القياس، ويعللون به، وينظرون بعض الصور المشابهة لبعض.
على كل حال كل هذه مسائل، مسائل تطرح على أنها بحث ليست تقرير ولا فتوى ولا ..
يقول: "فإذا جلس فيها للتشهد يكون كجلوسه بين السجدتين" جلوسه بين السجدتين يفرش الرجل اليسرى وينصب اليمنى، ويجلس على اليسرى، هذا جاء في حديث أبي حميد وغيره.
جاء عن ابن عباس في الجلوس بين السجدتين نصب القدمين والجلوس على العقبين، وقال: إنه هو السنة، مقتضى قوله كجلوسه بين السجدتين هو لا يطالب بغير ما قرره هو، ما نقول: والله أنه كجلوسه بين السجدتين وابن عباس يقول كذا، لا يقرر ما قاله ابن عباس هنا، جلوسه بين السجدتين عنده وهو المعروف في المذهب أنه الافتراش، وما جاء عن ابن عباس من نصب القدمين والجلوس على العقبين وافقه جمع من أهل العلم، لكن كثير من أهل العلم يرون أن هذا هو الإقعاء المنهي عنه، وما دام ثبت عن ابن عباس وفي الصحيح أيضاً في مسلم لا ينكر على من فعله، ولا بد أن يحمل الإقعاء المنهي عنه على غير هذه الصورة؛ لأنه لا يمكن أن يقول ابن عباس في صورة نهي عنها أنه هو السنة، وقول الصحابي من السنة لا شك أنه له حكم الرفع، فثبوته لا إشكال فيه، ولا يمكن أن يفسر به الإقعاء المنهي عنه، وعلى هذا إذا قررناه بين السجدتين فهل يقرر في التشهد؟ أو نقول: إن الوضع يختلف؟ لأن الجلسة بين السجدتين خفيفة، يمكن أن يقرر في جلسة ما يسمى بالاستراحة، لكن ما يقرر في تشهد.