وقوفه في المصلى، وقصده للصلاة هذه هي النية، نعم لو كان ناوياً أن يصلي في أول الوقت، ثم بعد ذلك قطع هذه النية لعارض، قال: بدلاً من أن أصلي في أول الوقت أصلي في آخر الوقت، هنا لا بد أن يستحضر النية عند الدخول في الصلاة، والنية أمرها أخف مما يتصوره كثير من الناس، وتفريعات بعض الفقهاء المتأخرين هي التي أوقعت بعض الناس في الحرج، وإلا مجرد القصد هو النية، أن تقصد بذلك وجه الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة] ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) فلا بد من النية.
يقول المؤلف: "فإن تقدمت النية قبل التكبير، وبعد دخول الوقت ما لم يفسخها" يعني نوى بذلك استصحاب الحكم، ولا يلزم من ذلك استصحاب الذكر، يعني لو نوى الصلاة، الآن كل واحد من المسلمين ناوٍ أن يصلي إلى أن يأتيه اليقين، هذه النية العامة، وأنه لو عمر إلى آخر الدهر ناوٍ بهذه النية الطيبة أنه يفعل ما أوجب الله عليه، ويترك ما حرم الله عليه، وبهذه النية يستحق بذلك الخلود في الجنة، كما أن نية الكافر في عدم الإسلام ولا يقول: أنا نويت أن أسلم بعد عشر سنين، بعد عشرين سنة أو كذا؛ لأنه لو نوى ذلك، وكانت نية صحيحة لقادته إلى أن يسلم فوراً، وهذا كما قال أهل العلم هو سبب الخلود، والبقاء في الجنة أكثر من عمره الدنيوي، والبقاء في النار أكثر من عمره الدنيوي، وإلا فالأصل أن الجزاء من جنس العمل، تعبدت ستين سنة، تمكث في الجنة ستين سنة، عصيت سنة تمكث في النار ستين سنة، لكن قالوا: إن استصحاب هذه النية ولو عمر أبد الآباد يستحق بها الخلود في الجنة، كما أن الثاني يستحق بها الخلود في النار.