يصير فاته، يا أخي فاتته تكبيرة الإحرام؛ لأنه انتقل إلى الركن الذي بعده، فاته الركوع لأنه انتقل إلى الركن الذي بعده، لكن يشكل على هذا أن بعض الأركان لا يفوت إلا بفوات ركنين، يعني لو رفع من السجود الإمام وأنت ما سمعت تكبيرته وإلا شيء، وعرفت من جيرانك أنه رفع من السجود تدرك، تسجد وتلحقه، وهذا كله سيأتي -إن شاء الله-، هو ما بالإشكال في التأخر الإشكال في أمر ثاني على ما سيأتي بيانه -إن شاء الله تعالى-.
"ولا نعلم خلافاً بين الأمة بوجوب النية للصلاة" يعني من خالف في وجوب النية للوضوء كالحنفية لا يخالفون في وجوب النية للصلاة، الحنفية كما تقدم لا يوجبون النية للوضوء، يوجبونها للتيمم، ومن أهل العلم من لا يوجبها لا للوضوء ولا للتيمم، وأما بالنسبة للصلاة فهي محل إجماع، حديث عمر -رضي الله عنه-: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها، يعني بالنية، وإن عدناها إلى أصل المسألة وهي التكبير فالقول صحيح؛ لأن الصلاة لا تنعقد إلا بالنية، ولا تنعقد إلا بالتكبير، مع أنه أثر عن بعض التابعين أن تكبيرة الإحرام سنة، لكنه قول شاذ، لا يعول عليه عند أهل العلم، وإنما هي ركن من أركان الصلاة، والنية شرط من شروط الصلاة المتفق عليها.
"ولا نعلم خلافاً بين الأمة بوجوب النية للصلاة" قول العالم: "لا نعلم خلافاً" ليس كقوله: إن النية شرط بالإجماع؛ لأن التصريح بالإجماع أقوى من مجرد نفي العلم بوجود المخالف؛ لأنه فيما يعلم، حتى لو قال: لا أعلم مخالفاً، أو لا خلاف فيما أعلم، كل هذا يجعل في المسألة ثنيا، أن المسألة على حد علمه، وأنه يتورع من النفي المطلق؛ لأنه لو قال: ولا خلاف، كأن المسألة إجماع، لكن "لا نعلم" على حد علمه، وقد يعلم غيره، وهذا هو الواقع في كثير من المسائل، يعني مالك حينما قال: "ولا نعلم قائلاً برد اليمين على المدعي" يعني إذا نكل المدعى عليه وجد الخلاف من بعض قضاة عصره، ابن أبي ليلة وابن شبرمة يرون رد اليمين، وهم من قضاة عصره.