فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في آخر ما قرئ في الدرس الماضي: "ولا يتوضأ بماء قد توضئ به" قد توضئ به ولم يقل منه؛ لأنه ليس مراد المؤلف ما يبقى بعد الوضوء في الإناء مما يؤخذ بعد ما يؤخذ منه في الوضوء، أو الغسل إنما ما يباشر أعضاء المتوضئ، وما يتناثر من أعضائه بعد الغسل، أو ما يبقى في الإناء بعد الانغماس فيه، المقصود بالماء الذي نبه عليه المؤلف بقوله: "ولا يتوضأ بماء قد توضئ به" يعني ما يباشر أعضاء المتوضئ، وما يبقى بعد انغماس المغتسل، وليس مراده ما توضئ منه، بمعنى أنه أخذ منه للوضوء أو الغسل بأن يتناول كما قال أبو هريرة تناولاً، يعني منه، أما ما انغمس فيه المغتسل، أو تساقط من يد المتوضئ أو رجله أو وجهه كل هذا لا يتوضأ به؛ لأنه رفع به حدث؛ واستدلوا على ذلك بمنع غمس القائم من نوم الليل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، وقالوا: لولا أن هذا الغمس يؤثر في الماء لما نهي عنه، ثم استدلوا أيضاً بالنهي عن الاغتسال في الماء الدائم، ولولا أن الاغتسال وهو رفع الحدث الأكبر يقلب الماء من كونه مطهر إلى كونه غير مطهر لما نهي عنه، والنهي سواءً كان في هذا أو ذاك محمولاً عندهم على التحريم، وما دام الغماس محرماً في حال الغسل وغمس اليد لا يجوز في الماء حتى تغسل ثلاثاً، والبدن طاهر، واليد طاهرة، فلا يحال النهي على غسل نجاسة، وإنما يحال على رفع الحدث، المقصود أن من قال بهذا القول هذه حجته، ومن أهل العلم من يرى أنه لا أثر لذلك، أنه لا أثر لرفع الحدث بالماء؛ لأنه طاهر باشر طاهراً، كما لو اغتسل فيه للتبرد لا أثر له، وكما لو اغتسلت به ذمية فإنه لا يؤثر، انغمست فيه ذمية لا يؤثر، انغمست فيه مسلمة وكلاهما من أثر جماع يؤثر، يعني هل هذا التفريق عند من يقول بأنه لا يؤثر في الماء التفريق لا أثر له، بناءً على أن رفع الحدث معلل، وأن له أثر فيما يلابسه، إذا قلنا: إن رفع الحدث يؤثر فيما يلابسه، وما يخالطه، وما يرفع به، على ما يراه المؤلف يطردون المسألة، ويقولون: إذا اغتسل للتبرد فإنه لا يتأثر الماء؛ لأنه لم يرفع حدث، وكذلك إذا اغتسلت فيه ذمية لا تنوي بذلك رفع الحدث فإنه لا يؤثر، يعني من ناحية الرأي لو