"ولا يتوضأ بماء قد توضئ به" ما قال: قد توضئ منه، فرق بين أن يكون الماء قد بقي بعد الوضوء في الإناء هذا يتوضأ منه، بمعنى أنه إذا بقي في الإناء ماء بعد الوضوء هذا مستعمل وإلا غير مستعمل؟ هذا غير مستعمل، أما ما توضئ به فيكون هذا إما بالانغماس فيه، أو بأن يتقاطر من أعضاء الوضوء، وحينئذٍ لو جمع هذا الماء الذي توضئ به في إناء بعد أن يتساقط من الأعضاء فإنه لا يتوضأ به؛ لأنه استعمل في طهارة ورفع حدث، فلا يستعمل مرة ثانية، تكرار التطهير بالماء، يعني الماء توضئ به مرة وثانية وثالثة ورابعة وعاشرة سواءً كان في رفع حدث أصغر أو أكبر، وصار مستعملاً مراراً هل هذا يزيده طهارة أو يجعله طاهراً لا يمكن الوضوء به لأنه رفع به حدث على ما جرى عليه المؤلف؟ تطهر به، مرة ومرتين وثلاث، منهم من يرى أنه أولى بالطهارة من الماء الذي لم يستعمل؛ لأن الطهور عند هذا القائل صيغة مبالغة، والمبالغة لا تستحق إلا مع التكرار والكثرة، فالطهور ما تطهر به مراراً، الطهور كثير التطهير؛ لأنه طهر فلان وفلان وفلان، كلهم استعملوه، فالطهور ما يتكرر منه التطهير كالشكور الذي يتكرر منه الشكر، هذا قال به بعضهم، قال: إن الماء المستعمل أولى بالطهارة من الماء غير المستعمل؛ لأن الصيغة تدل على هذا، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ قال هذا ذكره البغوي وغيره، أن الماء المستعمل كل ما يستعمل مرة وثانية وثالثة وعاشرة وعشرين يتكرر منه التطهير يستحق صيغة المبالغة، فيكون طهور كالشكور الذي يتكرر منه الشكر، يعني الذي يحمد الله ويشكره في اليوم مائة مرة هو مثل الذي يحمده ويشكره ألف مرة؟ لا، فضلاً عمن يحمده ويشكره مرة ومرتين الذي لا يستحق وصف المبالغة، هذا القياس وجيه وإلا غير وجيه؟ غير وجيه، لماذا؟ نظروا إليه من حيث التركيب اللغوي.

طالب:. . . . . . . . .

إيه، الشرع والحس والعقل كله يرد هذا الكلام، نعم، الشرع الحس أيضاً الواقع العقل كله يرد هذا الكلام؛ لأننا ننظر إلى أن الاستعمال له أثر في الماء وإلا ما له أثر؟ نعم؟ له أثر، الاستعمال له أثر في الماء، وهذا الاستعمال ولو مرة واحدة يزيده نظافة أو ينقص من نظافته؟ ينقص من نظافته استعمل مرة واحدة تجد اللون فيه تغير، والناس يتفاوتون في هذا، استعمل مرتين أشد تغير، ثلاث أشد، فانتقل من وصفه الأصلي قبل التغير إلى وصف آخر، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله ....

طور بواسطة نورين ميديا © 2015