هذا الكتاب وجد أو لقي قبول وعناية من الحنابلة عناية فائقة، وذكرنا الشروح، ونُظم من قبل جمع من أهل العلم، وكتبت عليه الزوائد من الكتب؛ لأنه صار محور يدار حوله، فمن شروحه هذا شرح ابن البناء يسمى بالمقنع في شرح مختصر الخرقي لأبي علي الحسين بن أحمد بن عبد الله بن البناء المتوفى سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وهذا الكتاب مطبوع ومحقق في أربعة مجلدات، هذا من أوائل الشروح، يعني بعد مؤلفه بمائة وخمسة وثلاثين سنة، أو قريب منها، قرن وثلث.
من شروحه أيضاً وهو أشهرها على الإطلاق المغني للإمام الموفق ابن قدامة، وهو أشهر هذه الشروح وأحفلها وأوفاها، الذي صار عمدة عند الحنابلة وعند غيرهم؛ لأنه من كتب الخلاف، والمؤلف -رحمه الله تعالى- يعنى بالدليل، ولعل من أسباب اختيار المختصر إرجاع الطلاب إلى هذا الكتاب ليعنوا بالدليل، بينما المتون المتأخرة عمدة شراحها على التعليل، قد يذكرون بعض الأدلة، لكن الموفق موفق في هذا الكتاب وفي غيره من كتبه، وله على المختصر زوائد الهداية على الخرقي، وهو مطبوع اسمه: الهادي أو عمدة الحازم في زوائد الهداية على مختصر أبي القاسم.
هذا الكتاب المغني طبع مراراً، وجد قبول من أهل العلم، ومقالة العز بن عبد السلام سلطان العلماء معروفة أنه لم تطب نفسه بالفتيا حتى اقتنى نسخة من المغني، إضافة إلى ما ذكره من المحلى.
أقول: طبع الكتاب مراراً الطبعة الأولى طبعة المنار مع الشرح الكبير، وكثير من نسخه على نفقة الملك عبد العزيز -رحمه الله-، طبعة المنار طبعة جيدة، لكن المجلد الأول منها في الطبعة الأولى كثير الأخطاء؛ لأنه قبل وجود النسخة الصحيحة، ثم وجد نسخة سليمة فطبع طبعة مرة ثانية المجلد الأول، وطبع بعده المجلدات الثاني، وما يليه إلى الثاني عشر، وطبع معه الشرح الكبير على المقنع، والسبب في جمع الكتابين التشابه الكبير بين الكتابين، فجل الشرح الكبير مأخوذ من المغني، ولو جردت زوائده عن المغني ما جاءت في مجلد، أعني الشرح الكبير.