الزاد متن متين كان الطلاب يهابونه حتى الكبار، فلما تصدى له الشيخ سهل على آحاد المتعلمين، وهذا نتيجة فهم، وهل نقول: إن الشيخ ابن عثيمين لا يعتني بالدليل أو هو مقلد؟ لا، وقل مثل هذا في غيره من الشيوخ الذين لهم عناية بعلوم الحلال والحرام سواءً كانت عن طريق المختصرات الفقهية، أو كتب أحاديث الأحكام.
"اختصرت هذا الكتاب" يشير إليه (هذا) والأصل أن الإشارة تكون للمحسوس الموجود في الأعيان، هذا، لكن هذه المقدمة إن كانت كتبت قبل تأليف الكتاب فالإشارة إلى ما هو حاضر في الذهن، لا في الأعيان، وإن كانت المقدمة كتبت بعد جمع الكتاب وتأليفه، لا سيما وهو يقول: اختصرت، هذا يدل على أنه انتهى منه، وغالب المؤلفين إنما يكتبون المقدمات بعد الفراغ من الكتاب، بعض العلماء تجد علمه وإن كان محرر ومتقن ومضبوط إلا أنه منتقى من كتب، لكن إذا كان علمه حاضر في ذهنه، ويكتبه مثل شيخ الإسلام ابن تيمية هذا يكتب المقدمة قبل أن يشرح؛ لأنه كالموجود بين يديه، وكتب فتوى من الفتاوى وصاحبها مستوفز يريدها في مائتين وثلاثين صفحة، ما يرفع القلم رحمة الله عليه، المقصود أن الكتابة كتابة المقدمة، وفيها الإشارة هذا الكتاب الذي يغلب على الظن أنها سطرت بعد الفراغ من الكتاب، ولذا صحت الإشارة إليه.
"على مذهب الإمام أبي عبد الله" ... إلى آخره "ليقرب على متعلمه".
هناك كتب يسمونها الزوائد، وهي موجودة في كتب الحديث وفي كتب الفقه، فكتب الحديث مثلاً زوائد مسلم على البخاري، وزوائد البخاري على مسلم، وزوائد السنن على الصحيحين، ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد على الكتب الستة، وزوائد البزار، وزوائد البيهقي وهكذا، يجعلون الطالب يعنى بمجموعة من الكتب، وأما الكتب التي تليها في الأهمية يعتنون بزوائدها فقط، ومثل هذا عند الفقهاء، زوائد الكافي والمحرر، زوائد الهداية على الخرقي لابن قدامة، وكتب الزوائد كثيرة، ويقال في كتب الزوائد ما يقال في الاختصار، والشرح والتحشية، يعني تقليب العلم من وجه إلى وجه، وكل هذا يفيد طالب العلم؛ لأن طالب العلم لا يكفي أن يسمع المسألة مرة واحدة، بل يسمعها على وجوه، أحياناً مطولة، وأحياناً مختصرة، حتى يفهمها ويهضمها.