وإذا عمّ بدنه بالغسل مرةً واحدة أجزأه ذلك، وكان تاركاً للاختيار، وإن غسل مرة وعمّ بالماء رأسه وجسده ولم يتوضأ أجزأه، يعني الغسل الكامل بعد النية والتسمية على الخلافٍ فيها، يتمضمض ويستنشق ويتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثاً، ثم يغسل بدنه بالماء سائر بدنه بالماء، على الخلاف في ذلك ثلاثاً أو واحدة، والتعميم مرة واحدة هو الذي يدل عليه حديث عائشة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ورواية معروفة في المذهب مرة واحدة، وليس فيه ما يدل على غسله ثلاثاً.

"وإن غسل مرةً وعمّ رأسه وجسده ولم يتوضأ أجزأه" لأن الوضوء سنة، إفراد الوضوء سنة، ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه توضأ وضوءه للصلاة، ثم بعد ذلك أفاض الماء على رأسه ثلاثاً، ثم عمّ بدنه بهذه الطريقة، هذا الغسل الكامل، وأما المجزئ لا يلزم فيه وضوء؛ لأنه إذا اجتمع عبادتان من جنسٍ واحد فيهما صغرى وكبرى يشترطون في هذا أنه لا تكون إحداهما مقضية والأخرى مؤداة تدخل الصغرى في الكبرى، وهنا يدخل الوضوء في الغسل.

"ولم يتوضأ أجزأه بعد أن يتمضمض ويستنشق" وعرفنا حكم المضمضة والاستنشاق، وأن من أهل العلم وهو الذي مشى عليه المؤلف أن المضمضة والاستنشاق بمسمى الوجه، فهما واجبان من واجبات الوضوء والغسل أيضاً، ومنهم من يفرق بين المضمضة والاستنشاق فيوجب الاستنشاق دون المضمضة؛ لأن ما ورد فيه أكثر، ومنهم من يفرق بين الطهارتين فيوجبهما في الكبرى دون الصغرى، على ما تقدم بيانه.

"وعمّ بالماء رأسه وجسده ولم يتوضأ أجزأه" هذا الغسل المجزئ أن يعمم جسده ورأسه بالماء بعد أن يتمضمض ويستنشق، وينوي به الغسل والوضوء، يعني ينوي به ارتفاع الحدثين الأكبر والأصغر، لا بد من نية رفع الحدث "وكان تاركاً للاختيار" تاركاًَ للأفضل الذي هو الغسل الكامل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015