لا يلزم إذا رأى، الماء من الماء إذا رأى الماء لزمه الغسل، إذا لم ير الماء لم يلزمه الغسل، هذا بالنسبة للاحتلام في النوم، وأما بالنسبة لليقظة ((فإذا جلس بين شعبها فقد وجب الغسل ولو لم ينزل)) فهو محكمٌ بالنسبة للاحتلام، ومنسوخٌ بالنسبة لليقظة، لكن هذا يتصور في نصٍ واحدٍ الإحكام والنسخ، أو إذا قلنا: إن النص منسوخ ارتفع حكمه بالكلية؛ لأن النسخ رفعٌ كلي للحكم، بخلاف التخصيص والتقييد، فكلٌ منهما رفعٌ جزئي وليس برفعٍ كلي، فإذا قلنا: إن الحديث منسوخ معناه أننا رفعنا حكمه بالكلية، ظاهر وإلا لا؟ يعني بعض العلماء وهذا مسلك لبعضهم أنه إذا أمكن حمل الخبر على وجهٍ صحيح، إذا أمكن حمل الخبر على وجهٍ صحيح حمله عليه، لا شك أنه إذا أمكن الجمع فإنه يقدم على النسخ والترجيح، كما في قوله -جل وعلا-: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة] قال بعضهم: إن الآية محكمة، ومعنى قمتم: يعني من النوم، فكل من قام من النوم إلى الصلاة فإنه يلزمه أن يتوضأ، هل هذا القول له وجه أو ليس له وجه؟ إذا أمكن حمل الخبر على وجهٍ يصح، وأهل العلم يقدمون الجمع بين النصوص على القول بالنسخ، وقد أمكن ((الماء من الماء)) محمولٌ على الاحتلام، فلا غسل إلا إذا رأى الماء، لكن عمومه الماء هذه جنسية، والماء الثانية أيضاً جنسية، الماء الذي هو الاغتسال باستعمال الماء إنما هو من الماء الذي هو المني الذي يخرج من المحتمل أو المجامع، إذا حملناه على الجنس جنس الماء الذي هو الغسل لا غسل إلا لمن رأى الماء، هل نخصص هذا بحديث: ((إذا جلس بين شعبها)) فيكون رفع جزئي، ويبقى من الصور التي يشملها حديث ((الماء من الماء)) مسألة الاحتلام، فيكون هذا تخصيص؟ أو نقول: إنه نسخ رفع كلي للحكم ويبقى أن حديث ((إذا جلس)) يحمل على الجماع، وحديث أم سلمة: ((نعم إذا هي رأت الماء)) محمولٌ على الاحتلام، ولا حاجة لنا بهذا الحديث، مع أن داود الظاهري يرى أن النص محكم، وأنه لا شيء على من جامع إذا لم ينزل، فأيهما أولى حمله على النسخ أو على التخصيص؟
طالب: التخصيص أولى لأنه ليس فيه إبطال.