يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ومن تقين الطهارة وشك في الحدث، أو تقين الحدث وشك في الطهارة فهو على ما تقين منهما" تيقن الطهارة وشك في الحدث فالأصل أنه طاهر؛ لأن الشك لا يزيل اليقين، فهو على هذا طاهر، وإذا تيقن الحدث وشك في الطهارة فهو محدث؛ لأن الشك لا يزيل اليقين، ولذا يقول المؤلف -رحمه الله-: "فهو على ما تيقن منهما" وعند الفقهاء الشك هنا هو خلاف اليقين، وإن انتهى إلى غلبة الظن، بمعنى أنه ترجح له أحد الطرفين، الشك عندهم في هذا الباب وفي نظائره خلاف اليقين؛ لأنهم يقابلونه باليقين، تيقن وشك، شك تيقن، إذاً هو ما يخالف اليقين، فيشمل الاحتمالات، يعني ما يحتمله الأمر من ظنٍ أو شكٍ أو وهم، فالشك الذي هو مستوي الطرفين لا إشكال في كونه لا يرفع اليقين، ومن باب أولى الوهم وهو الاحتمال المرجوح، أما غلبة الظن وهو الاحتمال الراجح فكونه لا يرفع اليقين السابق هذا اصطلاح عند الفقهاء، وأما عند الأصوليين فالاحتمال الراجح الذي هو الظن يرفع؛ لأن غالب الأحكام مبنية على الظن، مرتبطة ومعلقة بغلبة الظن، فأما الشك الذي هو تساوي الاحتمالين فيتفقُ فيه الفقهاء والأصوليون على أنه لا يرتفع به اليقين، الآن اليقين هل يعنى به عند الفقهاء المقطوع به؛ لأن عندنا يقولون: ما عنه الذكر الحكمي، إما أن يحتمل النقيض أو لا، والثاني: العلم، والأول: إما أن يكون الاحتمال راجحاً وهو الظن، أو مساوياً وهو الشك، أو مرجوحاً وهو الوهم، فهي الاحتمالات أربعة، إن كان لا يتحمل النقيض، يعني نتيجته مائة مائة بالمائة يعني الإنسان متأكد على ما هو عليه، ويحلف عليه هذا يقين؛ لأنه لا يحتمل النقيض مائة بالمائة، وهذا هو الذي يظهر من تصرفهم ومقابلتهم اليقين بما عداه، حتى الظن لا يرفع هذا اليقين، إذاً اليقين الذي لا يحتمل النقيض على الاصطلاح، جاء في الحديث: ((إذا وجد أحدكم شيئاً فلا ينصرف)) أو ظن أنه خرج منه شيء فلا ينصرف ((حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) والشيطان كما جاء في الخبر يتلاعب بمقاعد بني آدم حتى يخيل للإنسان أنه خرج منه شيء ولم يخرج منه شيء في الحقيقة، ولذا مثل هذا الاحتمال لا يبطل الطهارة السابقة سواء كان في الصلاة أو خارج