نحن نبي نمشي على كلامه هو أولاً؛ لأن عنده علَّق بالاستنجاء الجار والمجرور لما يخرج، والجار والمجرور من السبيلين، فقوله: لما يخرج، يعني لكل ما يخرج من السبيلين موجب للاستنجاء، ولو خرج حصاة يابسة، أو ابتلع خرزة وخرجت من سبيله بدون رطوبة، أو خرج من مقعدته حشرة أو دود يستنجي وإلا ما يستنجي؟ على كلامه يستنجي، فلما يخرج يعني لجميع ولكل ما يخرج من السبيلين يلزمه الاستنجاء، والمقرر عند أهل العلم أن اليابس لا ينجس اليابس، خرجت حصاة يابسة ما فيها شيء، فهل يلزم الاستنجاء أو لا يلزم؟ على كلامه لا يلزم، وعلى قول من يقول: إن المخرج كغيره من أجزاء البدن على ما تقدم بحثه، فهذا ليس بموجب للاستنجاء أصلاً؛ لأن الاستنجاء كإزالة النجاسة ولا نجاسة الآن على أي موضع من البدن، والمقرر عنده أنه يعني تقدم لا يصح قبله وضوء "فرض الطهارة ماءٌ طاهر، وإزالة الحدث" فهو عنده حدث هذا لا بد من إزالته ولو كان طاهراً؛ لأنه خرج من السبيلين.

ونعود إلى المسألة الأخرى أنه إذا خرج الحدث الذي هو البول والغائط، الحدث الأصلي المعتاد من غير السبيلين، مقتضى كلامه أنه لا يستنجى منه، لا يلزم الاستنجاء منه، لكن الإزالة إزالة النجاسة واجبة بلا شك، فعلى هذا يصح الوضوء قبلها قبل إزالة هذه النجاسة؛ لأنها من غير السبيلين، فالذي يشترط تقدمه على الطهارة الاستنجاء أو الاستجمار؟ ولا استنجاء هنا ولا استجمار؛ لأن الاستنجاء والاستجمار خاص بموضع الخارج الأصلي الذي هو السبيلان، فإذا خرج فُتح لمريض فتحة فصار يخرج منها البول، ثم توضأ، هل نقول: يلزمه أن يستنجي قبل الوضوء على ما تقدم، أو نقول: هذه نجاسة في غير محلها فلو توضأ قبلها ما يمنع كسائر بدنه غير السبيلين، مقتضى كلامه أنه لا يلزم، أنها كالنجاسة على غير السبيلين، وأما الذين يقولون: يجوز الوضوء قبل الاستنجاء والاستجمار فالمسألة ما تختلف عندهم، قدم أو أخر ما يضر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015