على كل حال المقصود ظاهر وواضح، والغسل هو قول الجمهور من الصحابة والتابعين، ومن يعتد بقوله من أهل العلم، وأنه لا بد من غسل الرجلين إلى الكعبين، و (إلى) هذه حرف غاية، ويأتي ويرد فيها ما جاء إلى المرافق، فلا نحتاج إلى إعادته، وأن (إلى) الاحتمال قائم كما تقدم في دخول المغيا وعدم دخوله، إلا أن النصوص الصحيحة عنه -عليه الصلاة والسلام- تدل على أنه يدخل الكعبين، ويزيد عليهما، وغسل رجليه حتى أشرع في الساق.
هذه القراءة قراءة النصب يستدل بها من يقول بوجوب الغسل، وقراءة الجر يستدل به من يقول بالاكتفاء بالمسح، والمرجح هو الغسل كما هو معروف لأدلة كثيرة قطعية في السنة النبوية من فعله وقوله -عليه الصلاة والسلام-، فقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ويل للأعقاب من النار)) نص قاطع في رد قول من يقول بالاكتفاء بالمسح؛ لأن المسح لا يتناول الأعقاب، لا سيما مع تحديدهم إلى العظم الناتئ على ظهر القدم، لا يتناول الأعقاب بحال، وويل وعيد، فدل على وجوب غسل الأعقاب، وإذا غسل العقب دل على أن الواجب الغسل، وهو قول الجمهور، وعند الشيعة وطوائفهم الاكتفاء بالمسح اعتماداً على قراءة الجر.