وهذا أيضاً كتب في المسألة وأطال، وهي مسألة في غاية الأهمية، مسألة مهمة؛ لأنه يجتمع عندنا شرط ومانع، فهل يلزم تقدم المانع أو لا يلزم؟ إذا كانت الموانع تمنع من ترتب الأثر على الشيء فهل يجوز تأخيرها عليه أو لا يجوز؟ كأن المتجه عند كثير من أهل العلم أن المسألة في التيمم لا يجوز تقديم التيمم على الاستنجاء أو الاستجمار لا سيما عند من يقول بأن التيمم مبيح؛ لأن الإباحة لا تكون مع وجود المانع حتى يرتفع.
وهذا أيضاً كتابة لبعض الإخوان يقول: قال في الإنصاف: قولهم: إن توضأ قبله هل يصح وضوؤه؟ على روايتين، وأطلقهما في الهداية والوصول والإيضاح والمذهب والمستوعب والكافي والهادي والتلخيص والبلغة، وابن منجه في شرحه، وابن تميم، وتجريد العناية وغيرهم.
إحداهما: لا يصح، وهو المذهب، وعليه جمهور الأصحاب، قال المجد في شرح الهداية: هذا اختيار أصحابنا، قال الشيخ تقي الدين في العمدة: هذا أشهر، قال الزركشي: هذا اختيار الخرقي والجمهور، وقال في الحاوي الصغير: لا يصح في أصح الروايتين، وصححه الصرصري في نظم زوائد الكافي، وهو ظاهر ما جزم به الخرقي، وجزم به في الإفادات والتسهيل، وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الكبير، ومسبوك الذهب والخلاصة، وابن رزين في شرحه وغيرهم.
والرواية الثانية: يصح جزم به في الوجيز ونهاية ابن رزين والمنور والمنتخب، وصححه في النظم والتصحيح، قال في مجمع البحرين: هذا أقوى الروايتين، واختارها المصنف والشارح والمجد وابن عبدوس في تذكرته والقاضي وابن عقيل، وقدمها في المحرر.
فائدة: لو كانت النجاسة على غير السبيلين أو على السبيلين غير خارجة منهما صح الوضوء قبل زوالها على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به أكثرهم، وقيل: لا يصح، قاله القاضي في بعض كلامه، قال ابن رزين: ليس بشيء، قال في المغني: والرواية الثانية يصح الوضوء قبل الاستنجاء ويستجمر بعد ذلك بالأحجار، أو يغسل فرجه بحائل بينه وبين يديه، ولا يمس الفرج، وهذه الرواية أصح، وهي مذهب الشافعي؛ لأنها إزالة نجاسة، فلم تشترط لصحة الطهارة كما لو كانت على غير فرج.