قوله: من أول ما ألف هذه يبرأ بها من عهدة ما لو اطلع على كتاب قبله، وإلا بعضهم يجزم بأنه أول ما ألف، وهو من مؤلفات الإمام العلامة أبي القاسم عمر بن الحسين الخرقي البغدادي المتوفى سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة في دمشق.
خرج إليها مهاجراً لما كثر سب الصحابة -رضي الله عنهم- في بغداد، يقول: وقد تلقى علماء المذهب هذا الكتاب بالقبول، وعنوا به أشد العناية لغزارة علمه مع صغر حجمه، وقلة لفظه، وقد قيل: إنه شرح، ساق القول على التمريض، بصيغة التمريض؛ ليبرأ من عهدته؛ لأنه تداوله العلماء، وبعض الناس ما يستوعب مثل هذه الأعداد، لكن إذا عرفنا أنه تفرد مدة طويلة لا يوجد متن يساويه في حجمه وضبطه وإتقانه، مدة طويلة اعتمده الناس، صاروا يحفظونه ويَقرأونه، ويُقرئونه ما المانع أن يكون له من الحواشي بهذا المقدار؟ وقد قيل: إنه شرح بثلاثمائة شرح، وأعظم شروحه وأكبرها المغني لشيخ الإسلام شيخ المذهب في زمانه أبي محمد عبد الله بن أحمد موفق الدين ابن قدامة المتوفى سنة عشرين وستمائة بدمشق.
قد قرأ الإمام الموفق هذا المختصر على الشيخ العبد الصالح التقي عبد القادر الجيلاني المتوفى سنة إحدى وستين وخمسمائة ببغداد، وشرحه قبله الإمام شيخ الحنابلة وناشر مذهبهم القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء في مجلدين، وهما موجودان بالمكتبة الظاهرية بدمشق، وقد توفي هذا الإمام ببغداد سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، وشرحه قبل الموفق فيما ذكرنا ابن البناء، يعني في كتابه المقنع، وقد وهم بعض المعاصرين المؤلفين من حنابلة فنسب الطبقات للإمام أبي يعلى الكبير، والتحقيق أنها لابنه الشهيد سنة ست وعشرين وخمسمائة أبي الحسين، وأبو يعلى الكبير جد أبي يعلى الصغير المتوفى سنة ستين وخمسمائة، محمد بن محمد أبي خازم محمد بن الفراء صاحب المؤلفات الكثيرة، أثنى عليه تلميذه ابن الجوزي المتوفى سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وشرحه العلامة محمد بن عبد الله الزركشي المصري المتوفى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة بشرحين مطول تام، وهو الذي حققه الشيخ ابن جبرين حفظه الله، وهو مختصر لم يكمل بل أكمله غيره من الحنابلة كما في الضوء اللامع.