يقول -رحمه الله تعالى-: "إذا أجدبت الأرض، واحتبس القطر، خرجوا مع الإمام" هنا الباب معقود للصلاة، صلاة الاستسقاء لا للاستسقاء فقط، إنما هو لصلاة الاستسقاء، التي هي عبارة عن صلاة ركعتين ودعاء وتضرع إلى الله -جل وعلا-، وإلا فالاستسقاء له أنواع، عددها ابن القيم، وأوصلها إلى ستة، منها: ما كان بالصلاة، وهو المقصود عندنا، ومنها ما كان في خطبة الجمعة، واستسقى النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو جالس في المسجد، واستسقى عند أحجار الزيت، واستسقى في غزوة سُبق فيها إلى الماء، وفي كل مرة يُسقون من استسقاءاته -عليه الصلاة والسلام-، واستسقى الأخيار خيار الأمة ومع ذلك ينزل المطر، يثقون بالله -جل وعلا- وليس عندهم من المخالفات من موانع القطر مثل ما عندنا، إذا قيل: إن غداً استسقاء تأهبوا، وأصلحوا الخلل في بيوتهم، ثقة بما عند الله -جل وعلا-، وينزل المطر، استسقى النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو على المنبر فما رأوا الشمس سبتاً، تتابع المطر عليهم من الجمعة إلى الجمعة حتى طُلب رفعه؛ لأن الناس تضرروا به، ثم قال: ((اللهم على الضراب والآكام وبطون الأودية)) ... إلى آخره، فوقف فوراً، لكن قد يقول قائل: هذا المصطفى -عليه الصلاة والسلام- أفضل الخلق، نقول: حصل لمن تبعه واتبعه بقوله وفعله، بعلمه وعمله نظير هذا، استسقى عمر -رضي الله تعالى عنه- بالعباس فسقوا، وقال: اللهم إنا كان نستسقي بنبيك فتسقينا، والآن نستسقي بعم نبيك، والمراد بدعائه لا بذاته، واستسقى معاوية -رضي الله عنه- بزيد بن الأسود الجرشي وسقوا، على كل حال ما زال الناس يتركون الأمر للأخيار، وهكذا ينبغي أن ينتقى من يدعو للناس ويؤمنون وراءه، لا تكون خطب الاستسقاء مقامات، ألفاظ براقة، أسجاع، وانتقاء ألفاظ ولا شيء، ومع ذلك على الناس أن يرجعوا إلى الله، ويتوبوا إليه، ويتخلصوا من المظالم، والمعاصي والمنكرات والجرائم التي جاءت النصوص بأنها تمنع القطر، ونسمع في كل بيان من ولاة الأمر يحددون فيه موعداً لصلاة الاستسقاء، ومع ذلك يضمنونه نُصح الناس وإرشادهم إلى التوبة والاستغفار ورد المظالم .. إلى آخره، هذا كلام طيب، ويشكرون عليه، لكن أيضاً الناس بحاجة إلى فعل،