قال -رحمه الله-: "وغسل اليدين" يعني يستحب غسل اليدين؛ لأنه معطوف على السواك "وغسل اليدين" يعني يستحب غسل اليدين إذا قام من نوم الليل، قبل أن يدخلهما الإناء ثلاثاً يستحب، والحديث الصحيح: ((إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمسهما في الإناء -أو فلا يدخلهما في الإناء- حتى يغسلهما ثلاثاً)) في رواية أمر: ((فليغسلهما ثلاثاً قبل أن يدخلهما في الإناء، فإنه لا يدري أين باتت يده؟ )) المؤلف يقول: يستحب، العطف على نية تكرار العامل، فكأنه قال: ويستحب غسل اليدين إذا قام من نوم الليل قبل أن يدخلهما الإناء ثلاثاً، والأمر ظاهر في الحديث، والأمر في الأصل يقتضي الوجوب، فما الصارف له عن الوجوب إلى الاستحباب؟ الصارف قالوا: العلة، العلة تصرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب، كيف تصرف العلة؟ فإنه لا يدري أين باتت يده؟ هذه العلة مؤثرة في الماء أو غير مؤثرة؟ تؤثر وإلا ما تؤثر؟ لأن الأصل أن اليد طاهرة، فكونه لا يدري أين باتت يده الشك لا يزيل اليقين، فضلاً عن الوهم، هو لا يدري، يعني الشك إذا تساوى عنده الأمران، لكن إذا انتبه من نومه ما الذي يغلب على ظنه أن اليد طاهرة وإلا نجسة؟ يعني الغالب على الظن أنها طاهرة، واحتماله ضعيف أنها تلوثت بشيء، فهو لا يدري أين باتت يده؟ فعلى هذا يكون احتمال النجاسة مرجوح، واحتمال الطهارة الذي هو الأصل راجح، إذاً يكون هذا من باب الشك أو الوهم؟ يعني احتمال مرجوح مع الراجح، الراجح ظن والمرجوح وهم، وإذا استوى الأمران فهو شك، وإذا كان الشك عند أهل العلم لا يزيل اليقين فمن باب أولى الوهم، فالعلة هنا تصرف الأمر ((فليغسلهما ثلاثاً)) من الوجوب إلى الاستحباب، هذا عند من يعلق هذا الأمر بهذه العلة، عند من يعلق الأمر بهذه العلة، وهي علة منصوصة، وهي واضحة في ترتيب الحكم عليها، ومن يقول: إن العلة غير معقولة، ما ندري ويش يصير إذا نام؟ ما يدري الإنسان ماذا يحدث له، فهي غير معقولة، فالأمر للتعبد، الذي يقول: إن الأمر تعبدي يتجه عنده القول بالوجوب، وعلى أي حال سواءً قلنا: إن العلة معقولة فأنه لا يدري أين باتت يده ومنصوصة، لكنها صرفت الأمر من الوجوب إلى الاستحباب، أو قلنا: إنه للتعبد، ولذا لا