{إِذَا نُودِي} [(9) سورة الجمعة] نعم إذا نودي، نزيد واحد وهو المنادي، يعني الذين قالوا -وهو رأي شيخ الإسلام- أن الثلاثة تلزمهم جمعة، إمام واثنان، هؤلاء اعتبروا كيف يُخرجون الآية على اعتبار أن هناك من يذكر الله يجب أن يسعى إليه، وهناك منادي ينادي لهذا الذي يذكر الله، وجماعة مأمورون بالسعي.
طالب: يمكن أن يكون الإمام هو المنادي نفسه.
نعم احتمال أن يكون الإمام هو المنادي، ولذلك لم يفردوه، وما في أحد تعرض للمنادي.
الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه ترجم بقوله: باب إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة فصلاة الإمام ومن بقي جائزة، ثم ذكر بإسناده حديث جابر بن عبد الله قال: بينما نحن نصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أقبلت عير تحمل طعاماً فالتفوا إليها، حتى ما بقي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا اثنا عشر رجلاً، فنزلت هذه الآية: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [(11) سورة الجمعة].
هذا حجة من يقول: إن الجمعة تلزم الاثني عشر، وحددوا العدة، حددوا النصاب اثنا عشر، قالوا: إنه ما بقي إلا اثنا عشر، فصحت بهم الخطبة، والخطبة جزء من الصلاة لا تصح إلا بمن يصح بهم الصلاة.
على كل حال هذا مجرد خبر ورد هكذا ليس بملزم، وليس فيها ما ينفي ما زاد أو نقص.
يقول الحافظ ابن حجر: قوله: باب إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة ... إلى آخره: ظاهر الترجمة أن استمرار الجماعة الذين تنعقد بهم الجمعة إلى تمامها ليس بشرط في صحتها، بل الشرط أن تبقى منهم بقية ما، ولم يتعرض البخاري لعدد من تقوم بهم الجمعة؛ لأنه لم يثبت منه شيء على شرطه، وجملة ما للعلماء فيه خمسة عشر قولاً:
أحدها: تصح من الواحد، نقله ابن حزم.
الثاني: اثنان كالجماعة، وهو قول النخعي وأهل الظاهر والحسن بن حي.
الثالث: اثنان مع الإمام عند أبي يوسف ومحمد، وهذا هو الذي يرجحه شيخ الإسلام.
والرابع: ثلاثة معه عند أبي حنيفة.
والخامس: سبعة عند عكرمة.
والسادس: تسعة عند ربيعة.
والسابع: اثنا عشر عنه في رواية، يعني عن ربيعة في رواية.
الثامن: مثله غير الإمام عند إسحاق.