نأتي إلى قوله: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) إذا قال: لا، غسل الجمعة ليس بواجب، بل هو سنة، هل نقول: معاند وإلا غير معاند؟ نقول: ما معنى الواجب عندك؟ وما معنى المندوب؟ وما معنى الواجب في هذا الحديث؟ إذا قال: الواجب معناه مما يؤيده لغة العرب أنه المتحتم المتأكد، كما تقول: حقك واجب علي، وهذا تتسع له لغة العرب، قلنا: إن هذه ليست معاندة، فيكون معنى واجب متأكد، فهو من آكد السنن، ومعنى الواجب في الاصطلاح أنه يأثم بتركه؟ لا يأثم بتركه؛ لأن هذا مما اختلف فيه النص مع الاصطلاح، المسألة تحتاج إلى شيء من البسط لأنها ... ، وطالب العلم لا بد أن يكون على خبرة بهذه الأمور معرفة دقيقة، ذكرنا في درس سابق أنه لو قال شخص: أنا والله عمري كله الآن نصف لحيتي أبيض ما عمري شفت جمل أصفر، والله -جل وعلا- يقول: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [(33) سورة المرسلات] إذا كان يريد بالأصفر هذا فما في جمل بهذا اللون، في جمل بهذا اللون؟ ما في جمل بهذا اللون، فنقول: صحيح ما رأيت جمل أصفر، لكن إثبات الوصف قطعي بالقرآن، أما كونك ما رأيت الجمل الذي تراه بهذا اللون نقول: كلامك صحيح، وحينئذٍ لا يكون معاند، ويبقى أنه كلما قرب الاصطلاح من الاستعمال الشرعي كان أولى وأحرى، لكن إذا تتابع الناس وتعارفوا على اصطلاحات إذاً لا بد أن ننسف جميع ما اصطلح عليه أهل العلم، أو كثير مما اصطلح عليه أهل العلم.
يقول: "يكره أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة، فإن فعل أجزأه" وفي كتاب الزكاة يقول المؤلف: "والمتخذ آنية الذهب والفضة عاصٍ وفيها الزكاة" هل متخذ المكروه كراهية اصطلاحية عاصٍ؟ لا، ليس بعاصٍ، فدل قوله: "عاصٍ" على أن الكراهة كراهية تحريم، فيربط بين كلامي المؤلف ويعرف مراده.
"أن يتوضأ" الوضوء معروف، وسيأتي -إن شاء الله- تفصيله "في آنية الذهب" في، يتوضأ في، معناه أنه ينغمس في آنية الذهب والفضة، ثم يخرج بعد ذلك مرتباً فروض الوضوء؛ لأنه قال: "في" هل الكراهية هنا لمجرد الانغماس كما جاء النهي عن الاغتسال في الماء الدائم، أو لكونه في آنية الذهب والفضة، أو للأمرين معاً؟ لأنه الآن توضأ ما اغتسل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .